الإعلان عن حملة عالمية للتضامن مع الثائرات المصريات ضد الإرهاب الجنسي يبدو أكثر أولوية وإلحاحاً من المصالحة الفلسطينية التي تسير كالسلحفاة. الاتصالات للتحضير لوقفة فلسطينية لدعم رفيقاتنا وأخواتنا المصريات، أعادت لي بعض الثقة في أن فلسطين كانت ولا تزال وستبقى البوصلة. ازددت يقيناً حين عرفت أن المبادرة تأتي من «انتفاضة المرأة العربية» التي أسستها شابة فلسطينية تقيم في لبنان هي فرح برقاوي، مع صديقتيها اللبنانيتين يلدا يونس وديالا حيدر. كم نحن فخورات بك يا فرح، وبجهدك ومثابرتك ومتابعتك. فخورات أن أختاً في مصر تتألم أو تغضب، فتلبي أخواتها في فلسطين ولبنان والوطن العربي وينتفضن. قلنا إن الوطن العربي هو حاضنتنا وبوتقتنا، ونقول للثائرات في مصر وتونس وسورية واليمن ونحن – فلسطين- حاضنتكن وبوتقتكن متى أردتن على رغم التشويه الذي أرادوا به تحييدنا وتمزيق نسيجنا، واستعمالنا في معارك لسنا جزءاً منها ولا نريد، فلسطين واضحة الهوية والانتماء، فلسطين لا زالت تناضل من أجل الحرية والكرامة على أرضها، ولن تقبل إلا الحرية والكرامة للشعوب العربية ولكل شعوب الأرض التواقة الى الحرية والكرامة. الوقفة العالمية للتضامن مع النساء المصريات، هي محلية خالصة، فالجرح المصري الذي لمسناه عبر شهادات النساء اللواتي تعرضن للتحرش، واللواتي اغتصبن، قد نكأ جروحنا نحن. جروحنا قديمة تبدأ بالاستعمار وإرهابه النساء وايقاعه بهن شهيدات وجريحات ومعتقلات ووالدات على الحواجز ومحاصرات. إرهابه يأخذ اشكالاً مقنعة، من السيطرة على الأرض، ومصادرة الأراضي، وسرقة المياه، وبناء المستوطنات، واغراق المحيط بماء الصرف الصحي. تفنن الاستعمار الصهيوني في إرهاب النساء بشكل مضاعف، وتفننت الأنظمة العربية في استعمال فلسطين أداة وحجة لقمع الأصوات الحرة، وإفقار الشعوب وسرقة المقدرات. الآلة نفسها والمعركة نفسها. خرجنا في 12 شباط (فبراير) أمام السفارة المصرية، غنينا لمصر وسورية، سلمنا رسالة حب لأخواتنا المصريات، ورسالة غضب للحكومة المصرية. «لا لن نمد أجسادنا جسوراً يعبر عليها الطغاة»، و «لا نقبل باستخدام الدين وتزيفيه لقتل النساء»، ونعم لمحاسبة شيوخ المنابر وشيوخ التلفزيونات على دعواتهم التحريضية، ولا وألف لا لإقصاء النساء من ميادين تحريرنا، ونقصد كل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. هي رسالة حب للنساء العربيات في كل الوطن العربي، هي رسالة حب للمرأة الفلسطينية التي قتلتها آلة الاحتلال في الحرب التي لا تتوقف، وقتلها الجهل والنفاق الاجتماعي. 13 نجمة سقطن من السماء في العام الماضي على خلفية ما يسمى كذب بالشرف، ويأتي المزايدون البكاؤون ليقولوا: «تركتم الأسرى والاحتلال والحصار وتوقفت الرواتب لتنشغلوا بمصر ونساء مصر؟». أستعير هنا رد زميلي واثق طه عليهم: «قضية المرأة المصرية في القاهرة جرح في قلب كل غيور وغيورة ، ومن لديه حساسية تجاه الأسرى الفلسطينيين ستكون لديه حساسية مماثلة تجاه «عربية تنتهك». الساكت متواطئ، والهارب جبان.