في المدرسة الثانوية رقم ثمانية في شانغهاي احد افضل المؤسسات التربوية في عاصمة الصين الاقتصادية يركز نحو ثلاثين مراهقا باللباس الرسمي مع قمصان بيضاء على درس الكيمياء. والملفت في هذا المشهد ان كلهم من الصبيان...ولا فتيات. فبعد ستين عاما على تعميم الدراسة المختلطة ابان حكم ماوتسي تونغ، عادت هذه المدرسة الى نظام فصل الطلاب الذكور عن الاناث. وتقوم المدرسة شن هويمين بدعوة الطلاب واحد تلو الاخر ليكملوا المعادلة الكيميائية. وهي تأمل بذلك ان تجعلهم يتغلبون على خجلهم، وتقول "نحن نعطي فرصة للتلاميذ لكي يتقدموا". وكانت مدينة شنغهاي حظيت باهتمام كبير في العام 2009 بعدما تصدرت قائمة اعدتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول مقدرات التلاميذ بعمر 15 عاما. وتقدم التلاميذ في شنغهاي بذلك على زملائهم في 65 بلدا منها كوريا الجنوبية وفنلندا وهونغ كونغ وسنغافورة.وهم يبرعون تحديدا في فهم النصوص والرياضيات والعلوم. لكن هذا التفوق لا يشمل الجنسين، فخبراء التربية الصينيون مثل سون يونجياو يبدون قلقهم من تأخر الذكور عن الاناث على صعيد تنمية المهارات الشخصية، وفي بعض المجالات الاخرى مثل التعبير الشفهي والكتابي. فقد انخفضت نسبة الطلاب الذكور الناجحين في امتحانات اللثانوية العامة ودخول الجامعات الى 39 % في العام 2008، في مقابل نسبة 66,2 % في العام 1999 بحسب سون يونجياو. وهذه الفروقات لاحظها تقرير منظمة التعاون والتنمية، اذ سجل التقرير ان نسبة النجاح في المدارسة الثانوية هي 87 % للاناث مقابل 79 % للذكور. وازاء هذا الواقع، ظهرت هذه التجربة الجديدة من نوعها قبل ست اشهر في المدرسة الثانوية رقم ثمانية، التي خصصت فصلين دراسيين للذكور فقط. ويقول مدير المدرسة لو كيشينغ "انها خطوة كبيرة الى الامام..يحدونا الامل في ان نرى هؤلاء الصبية ينشأون في افضل الظروف". ويضيف "الفتيان لا يخصصون وقتا كبيرا للدرس، ينقصهم النضوج مقارنة بالفتيات". من ناحية اخرى، يقترح الخبير التربوي وو بيهو ان يدخل الذكور الى المدارس متأخرين عامين عن الاناث. لي زهوغيانغ البالغ من العمر 15 عاما، هو واحد من هؤلاء الفتيان الذين يتابعون دراستهم في فصل دراسي مخصص للذكور. ويقول ان عدم وجود اناث في الفصل الدراسي يريحه ويخفف شعوره بالخجل من المشاركة والاجابة على اسئلة المعلمين. ويضيف "المعلمون يحبون الفتيات اكثر منا، فهن يجبن على الاسئلة بسرعة..لكننا في هذا البرنامج ننتبه الى اننا لسنا اقل منهن في المستوى". ويوجد في شنغهاي مدرسة رسمية وحيدة للاناث تخرجت منها شخصيات وطنية شهيرة مثل الشقيقات سومغ اللواتي تزوجن ابرز القادة الصينيين في القرن العشرين. ويطمح مدير المدرسة الى تطوير مشروعه وصولا الى بناء مدرسة رسمية للصبيان ستكون هي الاولى من نوعها منذ العام 1949. اذ ان المدارس التي تفصل الذكور عن الاثاث هي مدارس خاصة ذات اقساط مرتفعة. وفي مجتمع ينشأ فيه الاطفال على فكرة التنافس، يبدو ان الاهالي سيتوجهون اكثر فأكثر الى هذه الفصول الدراسية غير المختلطة آملين ان يساعد ذلك ابناءهم على الحصول على شهادة "غاوكاو" الصعبة المنال، والتي تعد جواز سفرهم الى دخول الجامعات وبناء المستقبل. وبحسب المدير فان اهالي التلاميذ سيحبذون ايضا فكرة الصفوف المقتصرة على الفتيان لانها تحاكي مدرسة "ايتون" البريطانية المرموقة الخاصة بالذكور، والتي تعتبر عنوانا للطبقة المخملية في الصين.