بدأ العد التنازلي لإخلاء بيت عائلة ايوب شماسنة (82 سنة) في حي الشيخ جراح في القدس ليتسلمه المستوطنون الذين يقتربون يوماً بعد يوم من تفريغ الحي من سكانه الفلسطينيين بقرارات قضائية مدعين ان بيوتهم كانت ملكاً لليهود قبل قيام اسرائيل في 1948. وتواجه عشرات العائلات الفلسطينية في هذا الحي الراقي والاستراتيجي قضايا في المحاكم الاسرائيلية وتواجه خطر تهجيرها قسراً من بيوتها التي يزعم المستوطنون انها ملكية يهودية. وفقد اكثر من 60 فلسطينياً بيوتهم، ولا يزال هناك آخرون مهددين بالتهجير بالطريقة نفسها. وقالت فهمية شماسنة (71 سنة) «انا وزوجي الذي تجاوز الثمانين من العمر، مسنان. اين يريدون تشريدنا؟». وأضافت: «امضيت صباي وشبابي في هذا البيت ورزقت بأودلاي الستة فيه»، متسائلة «اين توجد بيوت للسكن في القدس؟ ولماذا هذه الملاحقات؟ يريدون اسكان عائلات يهودية مكاننا. ألا يوجد بيوت في اسرائيل؟ هذه دولة لا تعرف الانسانية وبلا ضمير». والبيت الذي يفترض ان يسلم للمستوطنين بموجب الاخلاء، في الاول من آذار (مارس) قبو مساحته 65 متراً تغطي ستارة مدخله. وقالت فهمية شماسنة «نحن هنا في حي الشيخ جراح منذ 1964. كنا ندفع الاجرة لحارس املاك العدو في العهد الاردني. في حرب 1967 دمر البيت، فأعدنا بناءه ووسعناه». وأضافت: «في 2009، جاءنا الحارس القيّم على املاك الغائبين وابلغنا بظهور ورثة يهود لاصحاب العقار يريدون بيعه، فاشتراه المستوطنون الذين حصلوا على قرار بإخلائه». وقال ابنها محمد ان «الكوابيس تراودني. هذا بيتنا الذي ولدت وعشت فيه سيتحول الى بيت للمستوطنين عليه العلم الاسرائيلي ومزود بالكاميرات والحراسة المشددة». وتساءل «كيف سأمر من امامه ولا استطيع دخوله؟ كيف سأسلخ ماضي وذكرياتي منه؟». ويعترف القانون الاسرائيلي بدعاوى المستوطنين للمطالبة بعقارات وأراض في القدسالشرقية بالادعاء انها كانت مملوكة لافراد او جمعيات يهودية في 1948، بينما يحرم اللاجئون الفلسطينيون من حقوقهم المماثلة في ملكيتهم لاراضٍ او عقارات في مناطق موجودة الآن في اسرائيل. وقال ارييه كينغ اليهودي المتشدد ومدير «صندوق اراضي اسرائيل» ان «عائلة شماسنة كانت تدفع الايجار بانتظام ومن حقنا كملاكين ان نطلب منها الاخلاء كأي صاحب عقار». وشدد على ان العمل لا يتركز في «الشيخ جراح فقط بل في بيت حنينا والطور وعكا القديمة والجليل ايضاً، ونقوم بتوطين يهود فيها». وتابع: «بات لدينا في الشيخ جراح نحو ثلاثين بيتاً وفي المحاكم حوالى سبعة بيوت. نريد ان نهدم البيوت القديمة وبحسب مخططاتنا سنبني 450 وحدة سكنية في الشيخ جراح ونحوله الى حي يهودي». ورأى كينغ ان «هذه املاك يهودية يحق لنا اسعادتها والقانون الاسرائيلي بجانبنا. لا يحق للعرب العودة الى املاكهم في القطمون في القدسالغربية او في اي مكان آخر. لقد خسروا الحرب ومن يخسر الحرب يخسر املاكه وهذا قانون في كل العالم». وأضاف: «هناك املاك لليهود في الاردن وسورية وايران والعراق وخسروها». ويدير كينغ تجمع رأس العمود الاستيطاني وهو من اكبر التجمعات الاستيطانية في مدينة القدسالشرقية بدعم من المليونير اليهودي ايرفينغ مسكوفيتش. ورأى كينغ ان «الحل يكون بانتقال العرب طوعاً من القدس او الضفة الغربية او حيفا الى الاردن ذي الغالبية الفلسطينية، لأن الاردن سيلي سورية في الانهيار، واقامة دولة فلسطينية هناك ملائم اكثر للفلسطيني تكون الى جانب دولة اسرائيل الخالية من العرب». وأوضح المحامي مهند جبارة محامي عائلة شماسنة ان كينغ «يبحث عن اي وريث لبيوت كانت لعائلات يهودية ليتشري منه (المنزل) ويلاحق سكانه العرب مع القيّم العام الذي يستغل منصبه لتنفيذ ضغوط على المستأجرين الفلسطينيين». وأضاف ان «ارييه كينغ جاء بنفسه لتسليم امر الاخلاء الى موكلي ايوب شماسنة قبل الاستئناف مع انه ليس طرفاً بشكل رسمي في القضية». وأوضح هذا المحامي ان «قضيتنا في المحاكم ضد دولة اسرائيل ممثلة بالقيّم العام وفي المحاكم يتعاملون مع الدولة على انها جهة ذات صدقية». وتابع: «بينا للمحكمة العليا في التماسنا ان الدولة تقوم بعد اخلاء العقار من الفلسطينين بتسليمه الى شركات الاستيطان والى ارييه كينغ». وأشار الى انه قدم اوراقاً ثبوتية الى المحكمة تشير الى ان ايوب شماسنة «محمي بحكم القانون وممنوع اجلاؤه. طلبت المحكمة العليا رداً من الدولة على ما قدمناه بالتماسنا ونأمل ان ننجح في قضيتنا والا يتم اخلاء عائلة شماسنة في نهاية الشهر». واحتلت اسرائيل القدسالشرقية في 1967 وقامت بضمها واعلانها «عاصمتها الابدية» العام 1980، وقامت بعزلها عن باقي اراضي الضفة الغربيةالمحتلة. ويعتبر الفلسطينيون القدسالشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.