حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من أن «الرهان على تسوية النزاع السوري باستخدام القوة سيؤدي إلى تدمير البلاد». وأعلن استعداد بلاده لاستضافة حوار بين السوريين «إذا رغبوا ومن دون أن يفرض أي طرف شروطاً مسبقة عليهم». ودعا الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الرئيس السوري بشار الأسد إلى تسليم صلاحياته لنائبه فاروق الشرع لتسهيل بدء حوار. وأجرى لافروف أمس محادثات، هي الأولى من نوعها على مستوى وزراء الخارجية، في إطار «المنتدى العربي – الروسي» حضرها بالإضافة إلى العربي وزراء خارجية كل من مصر ولبنان والكويت والعراق. وتطرق الحديث إلى آليات تعزيز الحوار – العربي الروسي وتعميق التعاون في مجالات مختلفة. وشغل الملف السوري حيزاً أساسياً من أعمال المنتدى في دورته الأولى، وأكد الحضور في مؤتمر صحافي مشترك عقد بعد المحادثات على تطابق وجهات النظر في مسألة ضرورة التوصل في أسرع وقت لوقف شامل لإطلاق النار في سورية وبدء حوار يقوم على أساس بيان جنيف. لكن التباين في المواقف ظهر خلال تفسير فقرات بيان جنيف، إذ أكد لافروف أن المجتمعين «أعادوا قراءة النص خلال المحادثات ولم يجدوا فيه خلافاً في المواقف» وهو أمر أكده العربي أيضاً، لكنه زاد أن التباين لا يكمن في النص الذي يشير إلى ضرورة إطلاق مرحلة انتقالية تتمتع فيها الحكومة بصلاحيات كاملة، بل في آليات الوصول إلى هذه المرحلة وطريقة تشكيل الحكومة. وقال ديبلوماسي عربي ل «الحياة» إن ثمة اتفاقاً على ضرورة إطلاق حوار يقود إلى حل سياسي لكن العقدة لا تزال تراوح عند الدور المفترض للرئيس الأسد. وبرز ذلك أيضاً من خلال الدعوة التي وجهها العربي إلى الأسد لتسليم صلاحياته إلى نائبه من أجل تسهيل إطلاق حوار جدي، في حين تمسك لافروف بموقف بلاده الداعي إلى عدم وضع شروط مسبقة تعرقل الحوار. ولفت إلى «مؤشرات إيجابية» ظهرت أخيراً، في إشارة إلى تصريحات رئيس الائتلاف السوري أحمد معاذ الخطيب في شأن استعداده للحوار مع ممثلي النظام. وزاد لافروف أن المطلوب أن «نستخدم كل إمكانات الجامعة العربية وروسيا من أجل حصول اتصالات مباشرة بين الحكومة والمعارضة في سورية». وأعتبر أنه «لا يمكن لكل طرف أن يحدد من يحاور من الطرف الآخر وينبغي أن تعين الحكومة والمعارضة ممثليها في الحوار وبعد ذلك ستكون الإجراءات الفنية سهلة لترتيب مكان انعقاد الحوار وزمانه». وقال لافروف إن الحدث السوري أثبت أنه لا يمكن المراهنة على حسم عسكري للصراع وأن الرهان على القوة سيؤدي إلى تدمير سورية. وزاد إنه سيُجري لقاء مع وفد الحكومة السورية برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم (الاثنين المقبل)، موضحاً: «يجري حالياً الاتفاق على موعد زيارة معاذ الخطيب ويحتمل أن يكون في بداية آذار (مارس) المقبل». وأكد أن بلاده تنوي «التحدث بلغة واضحة مع الطرفين لخلق ظروف مواتية لبدء حوار مباشر». إلى ذلك قال وزير الخارجية المصري كامل عمرو ل «الحياة» إن القاهرة تعمل على بلورة مبادرة تستند إلى الجهود السابقة لتنسيق المواقف بين مصر وتركيا السعودية وإيران وتقوم على توسيع المفهوم الذي طرحه معاذ الخطيب للحوار مع النظام، ليشمل أطرافاً أخرى تكون بمثابة الراعي بينها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. ولفت إلى أن المبادرة تعتمد على كثير من التصورات والأفكار التي يتم حالياً بلورتها وإنضاجها بهدف إنقاذ سورية من الحال التي وصلت إليها وتجنيبها الفوضى والدمار. وصدر في ختام أعمال المنتدى بيان أكد على «الاتفاق العام في وجهات نظر روسيا والعالم العربي في شأن المشاكل الدولية وكيفية تسويتها عبر احترام القانون الدولي ورفض التدخل الخارجي». وشدد البيان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بأشكاله كافة، وكذلك على ضرورة التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الإسرائيلي – العربي على أساس مبادئ القانون الدولي. وفي الشأن السوري أكد البيان ضرورة التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار وكل أشكال العنف، وإطلاق حوار يركز على أسس بيان جنيف. يُشار إلى أن موسكو كانت أعلنت الثلثاء عن إرسال طائرتين إلى سورية محملتين بالمساعدات على أن تنقلا في طريق عودتهما الرعايا الروس الراغبين بالمغادرة. كما أعلنت إرسال أربع سفن حربية إضافية إلى المتوسط تحسباً لاحتمال تنظيم عملية إجلاء واسعة النطاق للروس المقيمين في سورية.