اختتم «الأسبوع الثقافي السعودي» الأول في ألمانيا بنجاح كبير. وتوافد آلاف الألمان والأجانب خلال أيام الفعالية، على القرية السعودية التي بنيت تحت خيمة «سوني سنتر» الضخمة في ساحة «بوتسدامر بلاتس» الذي يعتبر الوسط التاريخي للعاصمة الألمانية برلين. كما حضر المئات منهم الأنشطة الثقافية والعلمية التي عقدت مساء في فندقي «ماريوت» و «ريتز كارلتون» القريبين. وشكلت فعاليات الأسبوع أول حوار وتلاق مباشرين بين مجموعة من الكتّاب والفنانين والفنانات، والعلماء السعوديين وزملائهم الألمان، وكذلك مع المواطنين العاديين الذين أظهروا شوقاً لمعرفة المزيد عن المملكة وحضارتها وثقافتها. وتجاوز المتكلمون خلال النقاشات العديدة كثيراً من الكليشيهات والمواقف المسبقة، وعبّر ألمان كثر عن دهشتهم مما سمعوه وشاهدوه، ما يناقض الصورة النمطية التي علقت في أذهانهم عن الحياة في السعودية ووضع المرأة فيها بصورة خاصة . والسؤال الأبرز في كثير من المناقشات كان: لماذا لا يحق للمرأة السعودية قيادة سيارة حتى الآن؟ ويمكن الإشارة هنا إلى جواب الكاتبة السعودية بدرية البشر، الزميلة في «الحياة»، خلال مناقشة كتابها «هند والعسكر»، بأن المرأة السعودية تسعى حالياً إلى تحسين أوضاعها في أمور أهم من ذلك بكثير، وعندما تصل إلى ذلك فان مطلب قيادة السيارة يتحقق من نفسه. وقال السفير الألماني لدى السعودية بوريس روغه في الجلسة الختامية أن من معالم الانفتاح السعودي على العالم «ارسال 150 ألف طالب وطالبة ومن يرافقهم للتعلم في مختلف دول العالم على نفقة الدولة، والسياسة الجديدة المتبعة منذ سنوات في التعاون العلمي والمعرفي والثقافي والسياسي مع دول عديدة، خصوصاً مع أوروبا». وحضّ سفير المملكة لدى ألمانيا البروفسور أسامة شبكشي الذي ناقش روغه وزميله ديتر هالر، السفير السابق في الرياض، الحكومة الألمانية على قبول المزيد من الطلاب السعوديين في الجامعات والمعاهد والمؤسسات التعليمية، معتبراً عددهم الحالي الذي لا يتجاوز الألفي طالب وطالبة، قليل جداً مقارنة بدول أخرى. وأقر السفير السابق لدى المملكة ديتر هالر بالأمر، مشيراً إلى أن الجامعات الألمانية الحكومية غير قادرة كمؤسسات حكومية على تأمين رعاية كاملة للطلاب الأجانب كما تفعل الجامعات البريطانية والأميركية الخاصة. وشدد على ضرورة التفكير في أطر رديفة تمكن المزيد من الطلاب السعوديين من التعلم والتخصص هنا. وأيد روغه فكرة إنشاء «معهد غوته» لتعليم اللغة الألمانية في السعودية بسبب الطلب المتزايد عليها في المملكة، مضيفاً أن الانظار تتوجه الآن إلى مشاركة ألمانيا العام المقبل في مهرجان «الجنادرية» الذي يعتبر تظاهرة ثقافية سنوية تستمر عدة أيام ويحضر فعالياتها نحو مليون شخص كل عام. وأكد أن حكومته ستجهد في تقديم برنامج ثقافي وفني ومعرفي وعلمي واسع في المهرجان. وسبق ذلك نقاش بين الكاتبة هناء حجازي والطالبة في ألمانيا بسمة عبدالكريم ورئيس الملحقية الثقافية في السفارة السعودية في برلين عبدالرحمن الحميضي من جهة، وبين البروفسورة أولريكه فرايتاغ والدكتور رونالد غريتس والصحافي أندرياس كيلب أداره الدكتور أوفه شملتر وتناول أهمية تطوير العلاقات الألمانية - السعودية. وألقى فرانتس يوزف راديماخر محاضرة شيقة عن الفهم والتفاهم والتعاون بين الأفراد والحكومات والشعوب قبل أن توزع الهدايا على الذين ساهموا في انجاح الأسبوع، وهم كثر. وحفلت القرية السعودية بنشاطات متنوعة سمحت للزائرين الاطلاع على فنون الخط العربي والكتابة في حضور خطاطين سعوديين معروفين، وعلى فن الرسم الحديث بمختلف مدارسه، والتعرف على تجربة الحناء للنساء، وزيارة قسم رسوم الأطفال، والتمتع بمأكولات المطبخ السعودي مع تذوق القهوة العربية والشاي والتمور ، إضافة إلى عرض عدد من الأفلام عن السعودية.