بات انعقاد الحوار الوطني الذي تجريه الرئاسة المصرية وتقاطعه المعارضة في مهب الريح بعد احتدام خلافات جماعة «الإخوان المسلمين» مع حليفها الأبرز حزب «النور» السلفي الذي يعد أحد الأطراف الرئيسة في جلسات الحوار، فيما أصرت «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة عقب اجتماعها أمس على رهن مشاركتها في الحوار ب «تنفيذ المطالب التي تنادي بها وفي مقدمها تشكيل حكومة جديدة وإقالة النائب العام». وتدخلت أمس أحزاب إسلامية ودعاة لرأب الصدع الذي حصل بين «الإخوان» و «النور» على خلفية إقالة القيادي في الحزب السلفي خالد علم الدين من منصبه مستشاراً للرئيس. وسعت الرئاسة في بيان أمس إلى تأكيد أن إطاحة علم الدين «لا علاقة لها من قريب أو بعيد بانتمائه الحزبي»، وعزت القرار إلى «ما توافر لديها من معلومات رأت معها استحالة استمراره في أداء دوره حفاظاً على المكانة التي تتمتع بها مؤسسة الرئاسة». ورد علم الدين على بيان الرئاسة بآخر شديد اللهجة اتهمها فيه ب «الإجرام والاستخفاف بالعقول ومحاولة التلاعب بالمواطنين»، داعياً إياها إلى «إبراز الاتهامات وتوضيح المعلومات... كفى غموضاً». وأعلن حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، محاولات لاحتواء الأزمة. وأشار رئيس الحزب نصر عبدالسلام إلى أن تلك المحاولات تقودها أحزاب ذات توجه إسلامي إلى جانب «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» التي أصدرت بياناً أمس دعت فيه الطرفين إلى «وقف التناحر الإعلامي». وأكدت الهيئة التي تضم أبرز دعاة السلفيين و»الإخوان»، إضافة إلى نائب مرشد «الإخوان» خيرت الشاطر، أنها «ستعمل على توحيد الصف الإسلامي، وعدم إعطاء فرصة للآخرين للنيل منه، واحتواء الأزمة وحل المشكلة من جذورها». وكانت «جبهة الإنقاذ» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة عقدت اجتماعاً أمس خلص إلى تمسكها بتنفيذ شروطها قبل المشاركة في الحوار الذي تدعو إليه الرئاسة، كما شددت على أن «لا انتخابات من دون ضمانات». وقالت في بيان تلاه نقيب المحامين سامح عاشور عقب الاجتماع إن «أول هذه الشروط هو اتخاذ إجراءات جادة للقصاص من قتلة الشهداء وندب قضاة محايدين للتحقيق مع جميع المسؤولين». وأكد «ضرورة تشكيل حكومة محايدة تحظى بالثقة من جميع الأطراف الوطنية في كفاءاتها، واختيار نائب عام جديد وتشكيل لجنة قانونية محايدة لمراجعة الدستور، وإيقاف الانتخابات حتى يتم تنفيذ هذه المطالب»، مشدداً على أن «لا انتخابات قبل تحقيق مطالب الأمة الممثلة في ما سبق». واعتبر أن المبادرة التي أطلقها حزب «النور» وتتبنى معظم شروط الجبهة «إسهام إيجابي» للخروج من الأزمة. وحمّل الرئيس وجماعته «مسؤولية تدهور البلاد اقتصادياً واجتماعياً بسبب تدخل الجماعة في مفاصل الدولة»، كما أكد «اعتزاز الجبهة بشباب الثورة وإدانة كل أشكال العنف المنظم والإصرار على سلمية التظاهرات». وأوضح القيادي في الجبهة عمرو موسى ل «الحياة» إن لقاء أمس «جاء لتأكيد وحدة الجبهة وتماسكها وعدم انفصال أي عضو منها»، في إشارة ضمنية إلى مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي الذي تردد أن «الإخوان» طلبوا خروجه من الجبهة لتنفيذ مطالبها. وقال إن الجبهة «متمسكة بموقفها السابق من الحوار مع الرئاسة... لن نذهب إلى حوار قبل تنفيذ مطالبنا». وأعلن رئيس حزب «التجمع» المنضوي في الجبهة رفعت السعيد أن «الجبهة اتفقت على أن لا حوار مع الرئيس إلا بتنفيذ الشروط التي أعلنت وفي مقدمها وجود أجندة واضحة للحوار وأن تكون نتائج الحوار معلنة وأطرافه محددة». وأضاف أن لقاء قيادة الجبهة مع رئيس حزب «الحرية والعدالة» سعد الكتاتني «جرى في إطار التمسك الكامل بشروط الجبهة». في غضون ذلك، بدأت اللجنة التشريعية في مجلس الشورى أمس مناقشة التعقيبات التي أبدتها المحكمة الدستورية العليا على قانون تنظيم الانتخابات التشريعية وفي مقدمها ضرورة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية. وأشاد رئيس المجلس أحمد فهمي ب «دور المحكمة الدستورية في الانتهاء من مناقشة القانون وممارسة الرقابة السابقة وكتابة التقرير بالملاحظات قبل الموعد المحدد». وقال إنه أحال التقرير على اللجنة التشريعية «لمناقشته وتفادي أوجه العوار الدستوري في قانون الانتخابات». من جهة أخرى، أحالت السلطات القضائية أمس رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق وعشرة آخرين من أعضاء مجلس إدارة «الجمعية التعاونية لإسكان الضباط الطيارين» وأقارب لهم على محكمة الجنايات لاتهامهم ب «الاستيلاء على المال العام والتزوير والتربح والإضرار العمدي بالمال العام وتبييض الأموال». ونسبت سلطات التحقيق إلى المتهمين «الاستيلاء على المال العام بما قيمته 30 مليون جنيه، فضلاً عن قيام أحمد شفيق ومحمد رضا صقر بارتكاب جريمة تبييض أموال بما قيمته 5 ملايين جنيه». وأمرت بضبط وإحضار المتهمين الخمسة الفارين وهم: شفيق وصقر ومحمود جمال الدين عفيفي وطارق السلوسي وشريف كامل عبدالوهاب، وحبسهم احتياطياً على ذمة القضية.