كشفت أولى حلقات التشاور أول من أمس بين فايز الطراونة رئيس ديوان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأعضاء البرلمان في شأن التوصل إلى هوية رئيس الوزراء الجديد، توجه القصر إلى إرجاء إعلان الحكومة الجديدة، بعد أن أخفق النواب في التوصل إلى حلول توافقية بخصوص الرئيس المكلف وشكل حكومته المقبلة. وأفاد مسؤولون أردنيون ل «الحياة» بأن الإعلان عن الحكومة المقبلة رسمياً وأدائها اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني، يحتاج إلى مزيد من الوقت ربما يتجاوز ال4 أسابيع، على رغم أن النصوص الدستورية تلزم حكومة عبدالله النسور إنهاء أعمالها في موعد أقصاه التاسع من الشهر المقبل. وأكد المسؤولون أن المشاورات الأولية مع أعضاء البرلمان بخصوص شخص الرئيس فقط تحتاج إلى 8 أيام، لافتين إلى إمكان أن يدشن الطراونة جولة ثانية من المشاورات، إن لم تفضِ الأولى إلى توافقات «صلبة» في شأن هوية الرئيس والوزراء الجدد (الذين سيشارك النواب في اختيارهم) إلى جانب خريطة الطريق التي ستنفذها الحكومة. في هذه الأثناء، فجّر وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء نوفان العجارمة مفاجأة على الساحة السياسية المتفجرة أصلاً، عندما قلل من شأن الاستشارات الجارية بين مؤسستي القصر والبرلمان، قائلاً في تصريحات لافتة إن «المشاورات الجارية لا تعدو كونها استطلاعاً لرأي النواب في شخص رئيس الحكومة وأركانها». وأضاف «الأصل أن يلتقط النواب الرسالة ويتجنبوا تسمية رئيس محدد»، على اعتبار أن الدستور ينص على صلاحيات منفردة للملك بتكليف رئيس الحكومة ووزرائه. وجاءت هذه التصريحات قبيل ساعات على ظهور المؤشرات الأولية من المشاورات المستمرة، التي أكدت عدم امتلاك النواب رؤية واضحة لدورهم الجديد في تشكيل أول حكومة أردنية تحاكي إلى حد ما تجربة الحكومات البرلمانية في الدول المتقدمة. وكان العاهل الأردني أوعز إلى الديوان الملكي استشارة النواب في اسم أول رئيس حكومة يأتي عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت الشهر الماضي. لكن المشاورات المذكورة كشفت «رغبة» غالبية نيابية «تفويض» الديوان في تسمية الرئيس مكتفية في تحديد مواصفاته المطلوبة، وهو ما يعني العودة إلى الآلية القديمة ذاتها في اختيار الحكومات، والتي دفعت المعارضة إلى النزول إلى الشارع منذ كانون الثاني (يناير) 2011، للمطالبة بتعديلات دستورية تفضي إلى تشكيل الغالبية النيابية الحكومة، بدل أن يعينها القصر الملكي، وفقاً للدستور. وعزي العزوف لدى كتل البرلمان عن الخوض في أسماء المرشحين إلى خشيتها من التورط في تسمية رئيس وزراء تتحمل مسؤوليته أمام الرأي العام، خصوصاً أن المهمة الأولى للرئيس الجديد تتمثل في اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة، أبرزها رفع أسعار الكهرباء، تنفيذاً لاتفاقات سابقة مع صندوق النقد الدولي. في المقابل، لا تريد هذه الكتل أن تبدو هزيلة وضعيفة عن القيام بمثل هذه المهمة، التي قد تمنحها خزاناً شعبياً من الدعم والتأييد، لكنها على رغم ذلك تواجه تحدياً عسيراً يتمثل في بناء تحالف نيابي يمثل الغالبية، للتفاهم على اسم الرئيس وطاقمه الحكومي. وكانت كتلتا «وطن» و «التجمع الديموقراطي» (أولى الكتل التي التقت الطراونة) قررتا عدم تسمية مرشحين إلى موقع رئيس الوزراء، واكتفتا بوضع «محددات ومواصفات» متباينة لشخص الرئيس المطلوب. واعتبرت «وطن» في بيان أن البرلمان «لن يدخل في جدل حول اسم رئيس الحكومة المقبل، بمقدار التركيز على المواصفات المطلوبة لرجل المرحلة». فيما قال الناطق باسم «التجمع الديموقراطي» النائب جميل النمري إن «كتلتنا لم تسم شخصية معينة لموقع رئيس الحكومة، وإنما اكتفت بالحديث عن المواصفات المطلوبة في شخص الرئيس، وأبرزها أن يكون إصلاحياً قادراً على تنفيذ برنامج الإصلاح المنشود». لكن ثمة من رأى أنه بغية تجاوز «عقدة» اسم الرئيس يجب منح البرلمان مزيداً من الوقت لتحديد خياراته المقبلة، والتعامل مع الاستحقاق الدستوري بضرورة تقديم الحكومة طلب الثقة قبل التاسع من الشهر المقبل من خلال منح الثقة «الموقتة» لحكومة النسور المستقيلة مرة أخرى، حتى يتمكن النواب من حسم خياراتهم في شأن الحكومة الجديدة. في هذه الأثناء، قررت جماعة «الإخوان المسلمين» العودة إلى الشارع بعد انقطاع دام أسابيع عدة، من دون أن توضح الأسباب. وأعلنت الجماعة في بيان «استئناف نشاطنا الاحتجاجي المطالب بالإصلاح الجمعة المقبل، من خلال الخروج في تظاهرة حاشدة وسط عمان». إلى ذلك، قرر القضاء الأردني أمس في سابقة هي الأولى إعادة فرز صناديق الاقتراع في مناطق الدائرة الرابعة التابعة لعمان تحت إشراف المحكمة، على خلفية دعوى قضائية رفعها الوزير السابق فارس القطارنة ضد الجهة المشرفة على الانتخابات، مشككاً بنتائج فرز الأصوات وعدّها في صناديق دائرته. وتزامن هذا التحرك مع اعتراف رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عبد الإله الخطيب، خلال محاضرة عامة ألقاها في عمان ظهر أمس، بوقوع «جرائم» انتخابية متعلقة بالمال السياسي. وأكد أنه «لم يتسنَّ للهيئة الوصول إليها لعدم وجود أدلة كافية يتطلبها القانون».