805 ملايين شخص في العالم يعانون من نقص التغذية المزمن بين عامي 2012 و2014، على رغم المؤشرات إلى استمرار تراجع مستويات الجوع. إذ أشارت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في تقرير «حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم 2014» الذي أطلقته في بيروتوالقاهرة أمس، أن «الانخفاض بلغ 100 مليون شخص على مدى العقد الماضي، وأقل ب209 ملايين شخص عن الرقم المسجل عامي 1990 - 1992». وأفادت بأن معدل انتشار نقص التغذية في الفترة ذاتها انخفض من 18.7 في المئة إلى 11.3 في المئة على المستوى العالمي ومن 23.4 في المئة إلى 13.5 في المئة في البلدان النامية». وكشف ممثل «فاو» في لبنان موريس سعاده في حديث إلى «الحياة»، أن «50 في المئة» من القيمة الإجمالية للمساعدات الإنسانية الممنوحة من الجهات الدولية لبرامج الطوارئ في العالم «توجهت العام الماضي إلى تمويل الحاجات التي أنتجتها الأزمة السورية ولدول الجوار» التي استقبلت النازحين. ورصد «تراجعاً في تجاوب الجهات المانحة الدولية لتمويل هذه المساعدات خلال العام الحالي، إذ لم تحصل المنظمات الأممية سوى على 33 في المئة من القيمة الإجمالية للمخصصات التي طلبتها الأممالمتحدة، في حين بلغت نسبة 70 في المئة العام الماضي». وأعلن سعاده خلال المؤتمر الصحافي الذي شارك فيه نائب مدير برنامج الغذاء العالمي في لبنان عيسى سانوغو، أن في سورية «6.6 مليون مواطن يعانون نقصاً حاداً في الغذاء»، مشيراً إلى أن «3 ملايين نازح يعانون أيضاً من الحال ذاتها، منهم 1.3 مليون في لبنان». وتوقع في سؤال ل «الحياة»، أن «يصل عددهم نهاية العام المقبل إلى 4 ملايين». وفي اليمن، لفت سعاده إلى أن «10.6 مليون مواطن يمني يعانون من نقص في الغذاء، منهم 5 ملايين يعانون من نقص حاد». وأعلن أن في غزة «72 في المئة من مجموع السكان معرّضون لنقص في الغذاء، و66 في المئة يعتمدون على المساعدات الغذائية». وفي العراق بعدما كان «8 في المئة فقط من السكان يعانون نقصاً في الغذاء عام 1990، بات عددهم يشكل 23 في المئة من مجموع السكان». وعزا «تفاقم الوضع الغذائي في هذه الدول إلى الأزمات الأمنية والسياسية». لكن هذا الوضع لا ينسحب على دول شمال أفريقيا، إذ لفت سعاده إلى أن «عدم تعرّضها لهذه الأزمات مكّنها من وضع استراتيجيات وخفض عدد الجياع». وأوردت «فاو» في تقريرها، أن البلدان النامية «أحرزت تقدماً ملحوظاً» في خفض نسبة الجوع، إذ قدرت أن «791 مليون شخص فيها كانوا يعانون جوعاً مزمناً في الفترة 2012 - 2014، أي أقل ب203 ملايين شخص منذ الفترة 1990 - 1992». وفي القاهرة، أشار المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا التابعة ل «فاو» عبدالسلام ولد أحمد، إلى «الدول التي استطاعت تقليص نسبة الذين يعانون من الجوع إلى 50 في المئة، مثل السعودية والكويت ومصر وتونس والمغرب والجزائر والأردن ولبنان وموريتانيا». وأعلن «تحقيق أكبر معدلات خفض انعدام الغذاء في القارة اللاتينية وفي الصين، وتقدماً بطيئاً في القارة الأفريقية». وتصدر هذه الدراسة الرئيسية السنوية بالشراكة بين منظمة «فاو» والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، و «برنامج الأغذية العالمي». واعتبر ولد أحمد أن «التوجه الشامل لاحتواء الجوع في البلدان النامية يعني أن الهدف الإنمائي للألفية المتمثل في خفض نسبة من يعانون نقص التغذية إلى النصف بحلول عام 2015، سيكون في متناول اليد». وقال: «نجح 63 من البلدان النامية في بلوغ الهدف الإنمائي للألفية، وثمة ستة آخرون في طريقهم للوصول إليه بحلول عام 2015». وشدد نائب المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا وأوروبا كارلو سكاراميلا، على أن «التسارع في احتواء الجوع وتقليصه بمعدل كبير وعلى نحو مستدام، هو أمر ممكن في حال تحصيل الالتزام السياسي اللازم لذلك». وتطرّق التقرير إلى «تحسّن فرص الحصول على الغذاء بسرعة ملحوظة في البلدان التي شهدت تقدماً اقتصادياً عاماً، خصوصاً في شرق آسيا وجنوبها الشرقي وجنوبها، كما في أميركا اللاتينية». وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لفت إلى أن «أكثر من واحد من كل أربعة أشخاص ضحية لنقص التغذية المزمن، في حين لا تزال آسيا بصفتها أكبر موطن في العالم للجياع، تضم غالبية الجياع البالغ عددهم لديها في المجموع 526 مليون شخص». وفي وقت حققت أميركا اللاتينية وإقليم الكاريبي أوسع خطوات بالمقياس الكلي في تعزيز الأمن الغذائي، لم يحقق إقليم المحيط الهادئ في المقابل سوى تحسن متواضع بانخفاض نسبته 1.7 في المئة في تقليص انتشار نقص التغذية، البالغ 14.0 في المئة في 2012 - 2014، وشهد هذا الإقليم فعلياً زيادة كلية في عدد الجياع منذ الفترة 1990 - 1992». وعلى الصعيد العالمي، انخفضت نسبة الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية المزمن بمقدار 40 في المئة منذ عام 1990». وستُطرح نتائج هذا التقرير وتوصياته للنقاش من جانب الحكومات والمجتمع المدني وممثلي القطاع الخاص في اجتماع ستعقده في 13 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل حتى 18 منه، لجنة الأمن الغذائي العالمي في مقر منظمة «فاو» في روما. كما سيركز المؤتمر الدولي الثاني للتغذية في روما على هذا التقرير، والمقرر تنظيمه بين 19 و21 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في روما.