في أجواء أمنية مشددة ووسط تهديدات «طالبان» بتصعيد هجماتها، أدى الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني امس، القسم الدستوري ليتولى المنصب خلفاً للرئيس المنتهية ولايته حميد كارزاي. كما أدى منافسه عبدالله عبد الله القسم رئيساً ل «لهيئة التنفيذية» وهو منصب مستحدث يعادل رئاسة الوزراء، بموجب اتفاق تقاسم السلطة بينهما. وحضر المراسم في كابول، الرئيس الباكستاني ممنون حسين ونائب الرئيس الهندي حميد أنصاري وعدد من الموفدين الأجانب من بينهم جون بوديستا ممثلاً الرئيس الأميركي باراك أوباما، فيما أرسلت الصين وزير الموارد البشرية ين ويمين، ومثّل الدول الأوروبية سفراؤها في كابول. وشكّلت العملية أول انتقال سلمي للسلطة في أفغانستان منذ العهد الملكي. ولم تحلْ الإجراءات الأمنية في العاصمة الأفغانية دون وقوع هجوم بعبوة ناسفة كانت موضوعة على عربة خيل في الأطراف الشرقيةلكابول. ولم تسجل أي خسائر في الأرواح كما اعلنت الشرطة الأفغانية، فيما انفجرت عبوة أخرى في سيارة عسكرية خارج قصر الرئاسة. وفي خطوة تعكس التوجه الجديد للسلطات الأفغانية، أعلن غني أنه سيوقع اليوم، الاتفاق الأمني مع واشنطن، ما يتيح للولايات المتحدة الإبقاء على عدد من القواعد العسكرية في الأراضي الأفغانية، وذلك بعد رفض الرئيس المنتهية ولايته كارزاي التوقيع على الاتفاق منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما أثار استياء أميركا وحلف شمال الأطلسي (ناتو). وتقلّصت مراكز «الناتو» في أفغانستان من 800 إلى 33 مركزاً فقط، بعد انسحاب غالبية قواتها التي من المقرر أن تنهي تواجدها في الأراضي الأفغانية نهاية هذا العام، مع بقاء قوة اميركية وغربية مؤلفة من 12500 جندي وضابط إلى نهاية العام المقبل، مهمتها تدريب الشرطة والجيش الأفغانيين، من دون الاشتراك في العمليات القتالية ضد المعارضة الأفغانية إذ أوكلت كل المهمات الأمنية داخل أفغانستان للقوات النظامية المحلية. ووجّه الرئيس الأفغاني الجديد في خطاب بعد أدائه القسم، نداء إلى «طالبان» و«الحزب الإسلامي»، ووصفهما ب «المعارضين» وهو تطوّر في اللهجة الحكومية تجاه المعارضة المسلحة التي دأبت حكومة كارزاي على وصف مقاتليها ب «المتمردين أعداء الوطن والشعب وعملاء الخارج». وطالب غني «المعارضة» باللجوء إلى الحوار لإبلاغ الحكومة بمطالبها، مضيفاً: «نحن شعب واحد وبلد واحد ويجب ألا يكون هناك شك في وحدتنا الوطنية، نحن نناشد المعارضين للحكومة بخاصة طالبان والحزب الإسلامي الدخول في الحوار السياسي، وبإمكانهم إبلاغنا عن أي مشكلة يريدون طرحها وسنجد حلاً لها». لكنه استخدم لهجة حازمة لمطالبة «القرويين الأفغان وعلماء الدين بالسعي إلى السلام ونصح طالبان، وإن لم تستجب فعلى القرويين وعلماء الدين قطع علاقتهم بها»، وذلك لمنعها من الاستفادة من الحاضنة الشعبية في الأرياف الأفغانية. وكان الرئيس المنتهية ولايته كارزاي اعترف في كلمة وداعية لمناسبة تسليم السلطة، بأن جهود حكومته من أجل سلام دائم في أفغانستان لم تثمر، معرباً عن ثقته بأن مثل هذا السلام سيجد طريقه إلى الشعب الأفغاني. وكان تفجير انتحاري وقع على طريق مطار كابول تبنّته «طالبان»، وأدى التفجير وفق الشرطة الأفغانية إلى إصابة العديد من الأشخاص في المنطقة، وهو مؤشر إلى عدم قبول الحركة دعوة غني للجلوس إلى طاولة الحوار، بعد أن رفضت عروضاً مماثلة من الرئيس المنتهية ولايته طيلة السنوات الماضية. وقال ل «الحياة» فضل الرحمن خليل زعيم «جماعة أنصار الأمة» الباكستانية إن «طالبان لا يهمها من يحكم في أفغانستان سواء كان كارزاي او غني فكلهم سواء بالنسبة إلى طالبان، وتعتبرهم عملاء للأميركيين يعملون لمصلحتهم»، مضيفاً أن الحركة «أعلنت مراراً عدم قبولها بالدستور الأفغاني وعدم قبولها ببقاء أي جندي أجنبي في أفغانستان ورفضت وجود أي قواعد أميركية في أفغانستان، ولايعقل تقبل بذلك الآن». وأكد خليل أن «بعد انسحاب القوات الأجنبية ولو بقيت قواعد أميركية، فإن المناطق الأفغانية ستسقط تباعاً في أيدي طالبان».