دعا رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران زعامات ائتلاف الغالبية الحاكمة إلى اجتماع تنسيقي هو الأول منذ اندلاع الأزمة بين مكونات الائتلاف، خصوصاً بين حزبي «الاستقلال» و «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء. ورأت مصادر في الاجتماع خطوة لرأب الصدع، بالتوازي مع تحرك وزير الإسكان زعيم «التقدم والاشتراكية» نبيل بن عبدالله لتقريب وجهات النظر. واعتبرت الاجتماع بمثابة «رد ودي» من بن كيران على مذكرة «الاستقلال» التي أثارت مزيداً من اللغط، إن لجهة طلب إجراء تعديل حكومي أو لناحية انتقاد أداء الجهاز التنفيذي الذي وصفه زعيم «الاستقلال» حميد شباط ب «البطء وعدم الفاعلية». ويأتي الاجتماع في ظل الاستعدادات الجارية لتنظيم انتخابات جزئية تطاول خمسة مقاعد ألغى المجلس الدستوري انتخاباتها في وقت سابق، خصوصاً أن اتهامات صدرت عن «الاستقلال» ضد شريكه في الحكومة «الحركة الشعبية» الذي يتزعمه وزير الداخلية محند العنصر، أبدت تذمراً من «دعم محافظ مدينة سيدي قاسم مرشح الحركة الشعبية» التي كان المحافظ ينتسب إليها. لكن وزارة الداخلية ردت على الاتهامات بتأكيد أنها قامت بتحريات قادت إلى استخلاص أن الاتهامات «مجرد اجترار ادعاءات ومزاعم لا تستند إلى أساس». وأوضحت أن الأمر يتعلق ب «صراعات سياسية ذات طابع محلي»، مؤكدة «حرصها على التزام الحياد الإيجابي واحترام مبادئ تكافؤ الفرص» بين المتنافسين. غير أن مصدر الخطورة في تلك الاتهامات أنها طاولت الانتساب الحزبي لوزير الداخلية، ما يطرح من وجهة نظر مراقبين مزيداً من الأسئلة عن شروط ضمان حياد الإدارة. لكنها المرة الأولى التي ينبري فيها «الاستقلال» لانتقاد شريك آخر في الحكومة، بعد هدوء الضجة التي تسببت فيها انتقاداته ل «العدالة والتنمية» الذي رأى أنه يفرض هيمنته على شركائه في الحكومة ويغيبهم عنوة عن مشاورات ضرورية في اتخاذ القرارات، في إشارة إلى الموقف الغامض إزاء البدء التدريجي في إصلاح صندوق المقاصة (دعم السلع)، وإن كان رئيس الحكومة نفى وجود أي قرار لرفع أسعار المواد الاستهلاكية التي تحظى بدعم الصندوق، وفي مقدمها الدقيق والزيت والسكر والبنزين. وينظر مراقبون إلى الاستحقاقات الانتخابية الجزئية التي تجري في نهاية الشهر الجاري، باعتبارها امتحاناً عسيراً، من جهة لأنها ستكشف مدى انسجام الغالبية الحكومية من خلال الإذعان لنتائجها وتنظيمها في ظروف تبعدها عن الشوائب والمؤاخذات، ومن جهة ثانية لأنها ستعكس مدى تأثر شعبية أحزاب الغالبية، خصوصاً «العدالة والتنمية»، بعد انتقاله إلى الحكومة، وإن كان واضحا أنه لم يفقد شعبيته خلال جولات جزئية سابقة. وبرز من خلال هذا الاستحقاق الذي يكتسب أهمية رمزية، كون نتائجه لن تغير الخريطة الحزبية الراهنة، أن «الاستقلال» منذ تولي النقابي حميد شباط قيادته يرغب في إثبات حضوره في مواجهة النفوذ المتزايد للإسلاميين، فيما غابت الأحزاب الأخرى عن الصراع المحتدم في الاقتراعات السابقة. وبينما يتوق «التقدم والاشتراكية» لانتزاع مقعد أو أكثر يعزز وضع كتلته في مجلس النواب، يخوض بعض فصائل المعارضة انتخابات الثاني والعشرين من الشهر الجاري بأمل تأكيد حضوره الذي اتسم بقدر كبير من التراجع في تشريعيات العام 2011.