يحيي «تيار المستقبل» و«قوى 14 آذار» الذكرى الثامنة لاغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري من خلال مهرجان خطابي في مركز «بيال» اليوم، يطل من خلاله الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري على اللبنانيين بخطاب سياسي. وعشية الذكرى، وجه رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة كلمة ذكر فيها بأن «الدماء سالت من أجل أن يبقى وطننا واحداً موحداً في وجه العدوان والطغيان والاستبداد والعجز والوصاية، وليس من أجل أن يضيع ويقسم ويفتت ويخضع للإرهاب وسطوة السلاح والمسلحين والخارجين عن القانون، أو من أجل أن يكون لقمة سائغة للمستمتعين باقتسام المال العام، والتعدي على أرواح الناس وممتلكاتهم». وقال: «صحيح أنهم نجحوا في القتل والاغتيال، لكنهم فشلوا في تدمير حضور رفيق الحريري الذي بات أقوى في غيابه، وها هي رؤيته اتسعت وتعمقت، وجماهيره ازدادت وانتشرت»، مؤكداً «التمسك بقيم العيش الواحد والمشترك والنظام الديموقراطي والانفتاح والاعتدال ومتمسكون بالحريات الفردية، حرية القول والمعتقد، والتجمع وحرية الإيمان وبالاستقلال والدولة المدنية، دولة حقوق الإنسان والمواطن، وسنبقى متمسكين بالميثاق الوطني والدستور واتفاق الطائف وصولاً إلى تطبيقه كاملاً، وبمؤسسات الدولة ووحدتها وسلطانها وسيادتها على ارضها، وبأن تكون لنا مؤسسات تمثل كل الوطن وجميع المواطنين وتحميهم». وأضاف السنيورة: «لم نخضع لمكر عدونا الإسرائيلي ولن نسلم له، ولم ولن ننجر إلى النزوات التقسيمية، ولن نقبل أن ينزلق بلدنا نحو التناحر بين الطوائف والمذاهب». وتوقف عند «الربيع العربي وقال: «وإن كانت ولادته صعبة وتكتنف مساراته العراقيل، فإن مستقبله واعد. يذهب طغاة القتل والإجرام، وتشرق أيام أمتنا الزاهرة». وقال: «لن نقبل أن يسيطر علينا اليأس، صحيح أن الأيام التي مضت كانت صعبة بسبب سيطرة قوى الأمر الواقع، وأعداء دولة المواطنة، وصحيح أننا نسمع التحريض والشحن والتهويل من تيارات الحقد والضغينة، لكننا ثابتون على اقتناعاتنا ومنطلقاتنا، متمسكون ببلدنا ووحدة دولتنا وشعبنا وأحكام دستورنا. ولن تهزنا الصغائر، ونؤكد رفضنا لكل ما يعيد لبنان إلى الوراء ويساهم في تفتيت تماسك شعبه. وأعلنا ذلك بوضوح عبر مطالبتنا باستقالة حكومة الانقلاب، ورفضنا لما يسمى مشروع اللقاء الأرثوذكسي- مشروع تفتيت لبنان. وتقدمنا بمشروع ورؤية لتحصين الانصهار الوطني، والعيش المشترك، واستكمال تطبيق اتفاق الطائف. لكننا في الوقت نفسه منفتحون على نقاش وتطوير أية صيغة لا تتناقض مع الأسس التي قام عليها لبنان أي العيش الواحد والتمثيل الصحيح والعادل القائم على حرية الاختيار وتعزيز روح المواطنة، وسنفسح المجال للنقاش للتوصل إلى صيغة تفاهم تتعزز فيه أسس ميثاقنا الوطني». وأكد «الإصرار على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها من أجل تجديد الأمل بقيامة لبنان ومؤسساته، إذ لا يعقل أن نقبل باستمرار هذا الانحدار الذي تدفع إليه سياسة «حزب الله» والنظام السوري. نريد الانتخابات في موعدها من اجل تجديد الثقة بلبنان ومؤسساته، وللخلاص من هذه المجموعة القابضة على أنفاس لبنان ونموه. ونعم لقانون ينطلق من ثوابت ميثاقنا الوطني وينال موافقة الجميع». ولفت إلى ان التمسك بالانتخابات في موعدها لأن «مرحلة سيطرة السلاح وأصحاب القمصان السود أثبتت أن لبنان محكوم من جانب فئة تمتهن اغتصاب الإرادة الوطنية وتتقن صناعة وترويج الحبوب المخدرة والأدوية المزورة الفاسدة، كما تتصف بكونها أيضاً وراء الاتصالات الفاشلة والمازوت المهرب والمهدور، والكهرباء العاجزة والحدود السائبة والمقدرات المنهوبة، والانتخابات الوسيلة الوحيدة لعودة لبنان بلداً طبيعياً حراً وسيداً ومتقدماً، وليس شريكاً أو عاملاً عند أهل السلاح ولمصلحة حلفائهم وراء الحدود. ولن نقبل أن يبقى بلدنا في ظل الأنظمة البائدة، والتي سفكت ولا تزال دماء السوريين واللبنانيين والفلسطينيين». نازك الحريري ووجهت أرملة الشهيد نازك رفيق الحريري كلمة استعادت فيها «السنوات الثماني التي مرت محفوفةً بالتجارب والمحن المريرة والقاسية»، ودعت إلى «الحوار وتشخيص المشكلات»، معتبرة أن «بالقرارات الصائبة نصون وجودنا ومصالحنا، ونفتح مع شبابنا أفقاً مستقبلياً». وقالت: «نحن على عتبة عهدٍ جديدٍ من التحولات التي تجري في منطقتنا والعالم أكمل. وجميعنا يريد أن يبقى لبنان القلب النابض ويواصل التجربة الناجحة في الإعمار والإنماء التي حقّقها بقيادة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فدعونا نستثمر سرّ نجاحنا ونعزّز جوهر الحياة في وطننا، هذا البلد الرسالة، فقيام الدولة والسيادة لا يكون إلا بالحوار والنقاش والدراسة وتطوير الرؤى والتعاون والعيش المشترك وحماية المحكمة الدولية». مفتي الجمهورية وفي السياق، وجه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني كلمة للمناسبة اعتبر فيها أن الرئيس رفيق الحريري «اغتيل في وقت كان يتخبط لبنان للخروج من أزماته وبدل أن نعمل وفاء له نحو الخلاص ضاعفنا الأزمات وأصبحت أوضاعنا أكثر مأسوية». وشدد على انه «بعد ذلك الاستشهاد الكبير لا بد من الوفاء لذلك الشهيد العظيم، وكسر حواجز الطائفية السياسية والمناطقية بيننا، واحترام الاختلاف ونبذ الخلاف والاقتتال، والعمل متحدين من أجل بناء الدولة وقيامها. ولا بد لنا من الوفاء له أكثر برفض ما رفضه في حياته خصوصاً مشروع قانون الأحوال الشخصية المسمى مشروع «قانون الزواج المدني».وقال: «لا بد من إعلاء الصوت من أجل الحقيقة عبر المحكمة الدولية لإظهار الجناة ومن وجههم وخطط لهم وعاونهم، وإنزال العقوبة بهم عدالة للرئيس الشهيد». قوى 14 آذار وأكدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار في بيان بعد اجتماعها الدوري، أن الذكرى «كانت ولا تزال تاريخاً تأسيسياً لحركة وطنية عابرة للطوائف إسلامية مسيحية مدنية. وأن استشهاد الرئيس رفيق الحريري يبقى حياً في ضمائرنا ليس فقط من باب أخلاقي أو إنساني، إنما من باب وطني عريض. فقد وحد دمه اللبنانيين حول عنوان رفع الظلم عن لبنان وخروج جيش النظام السوري منه». وأكدت «الوقوف في وجه كل المخططات التي تهدف إلى تفتيت لبنان مذاهب وطوائف وأحزاباً وشخصيات». ولفتت إلى أن «الحوادث التي تتكرر من نيسان (أبريل) 2012، بدءاً من محاولة اغتيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وأحداث باب التبانة - جبل محسن والكويخات وعرسال ومحاولة اغتيال النائب بطرس حرب، تؤكد أن النظام السوري يصر من خلال أدواته على إعادة إنتاج الحرب الأهلية ما نرفضه تماماً». واستعاد توفيق سلطان في مؤتمر صحافي في طرابلس الذكرى قائلاً: «فرضوا عليه الودائع من وزراء ونواب فكان ينحني للعاصفة ليعود وينهض ليكمل مشروعه العظيم للبنان وليس في استطاعتي تعداد إنجازاته».