ترتكز العقيدة السمحة على مبدأ الحب، يقيناً بأن هذا الحب لله ورسوله هو مفتاح أبواب الطمأنينة للروح والعقل والجسد، ذُكر في الكتاب الكريم، والسنة المطهرة، ونقش في ذاكرة الإنسانية، وربما في ما ورائيات الغيب والسماء، كمحور العلاقة بين الخالق والمخلوق، وارتكاز للأعمال والأقوال التعبدية، والسلوكية الحياتية، فهو هنا نبع إيمان دائم، وأحد أنواع الحب. «لا يكون الحب قراراً أبداً، إنه الشيء الذي يختار اثنين بكل دقة، ويشعل بينهما فتيل المواجهة، ويتركهما في فوضى المشاعر، من دون دليل»، جملة لمحمد حسن علون في روايته سقف الكفاية. غداً في معظم أنحاء الدنيا يوم الحب، أو عيده، أو أي شيء واسم، هناك سيكون علنياً، وهنا سيكون مستتراً، وهناك سيحتفى به، وهنا سيلاحق، وهو حتى لو لم يلاحق كيوم، فإنه يلاحق باستمرار كفعل وكمبدأ بقيود بعضها يمكن فهمه، ومعظمها لا يمكن تبريره إنسانياً واجتماعياً، وأتساءل هل يمكن اعتبار ذلك أحد أسباب ضعف ثقافة الحب؟ لو كان يصح أن نقول إن له ثقافة! ثم أسأل لو لم تكن الحال المجتمعية كذلك، هل سنرى قصص حب ناضجة؟ ولن نعرف الإجابة لأننا لا نعرف هل تنضج القلوب كما تفعل العقول، العقول التي تصل غالباً إلى تلك المرحلة التي تكون فيها القائد للأفعال، والأقوال، ورد الفعل. قلت سابقاً: «الحب إحساس كامن في دواخل البشر، يظهر إذا واتته الظروف، أو يتوارى ثم يخبو إذا غلبته الظروف، فما هي هذه الظروف؟ ما طبيعتها؟ كيف يمكن أن تكون مقبولة في السياق الاجتماعي العام، أو مرفوضة؟ والأهم كيف يمكن أن تكون ضمن سياقات أخرى من محددات صحة المجتمع النفسية والعاطفية؟ وهل الاختلاف بيننا وبين أمم أو دول أكثر تحضراً إنسانياً وليس بالضرورة «تنموياً» يمكن أن يكون في إطاره العام متداخلاً مع الظروف التي تتيح أو تعوق نمو العلاقات العاطفية وسيرها في الاتجاه الصحيح كممارسة، والمقبول كعرف، والمرضي لأطراف العلاقة، كإنشاء أسرة مثلا؟». أيهم أجمل قلب يحبك، أم عقل يحترمك؟ ستريدهما معاً لأنهما جناحا الروح التي يفترض أن تكون توأم روحك، وهذا أمر لا يتاح كثيراً، وإذا أتيح زادت قصص الحب الخالدة قصة جديدة، ليس بالضرورة أن يعرفها الناس، لكنهم يشعرون بطاقتها من حولهم! عندما تنضج تختفي فكرة أن الحب أعمى، وينمو إحساسك بأن إحدى ملامح الحب هي القدرة على اكتشاف الجميل في إنسان، الانتباه له، قراءة تلك الطاقة المحيطة به على أنها نور يشع في عينيك فقط، ولا تعكسه مجدداً لهذا الإنسان إلا عيناك أنت، ولن يراه إلا هو، وعندما تنضج تعرف أن الحب ضرورة وجودية، وليس فقط حاجة عاطفية، أو حتى جسدية. [email protected] mohamdalyami@