اليوم هو عيد الحب، أو عيد العشاق، أو «الفالنتاين»، سموه ما شئتم، وهو مناسبة يكثر الجدل «الثقافي» حولها، بل والجدل العاطفي بين طرفي معادلة الحب، خصوصاً عندما يرتفع سقف التوقعات، وينخفض مستوى الاهتمام. البعض يعجبني رأيهم القائل بأن الحب الذي يحتاج إلى عيد لتذكره أو إحيائه هو في الأساس حب «يرقل»، وعلى رغم دعوة التجديد والحركات الحمراء، لا يخلو الأمر من مؤامرات أصحاب محال الهدايا والزهور، وبالطبع محال الدهان التي تبيع اللون الأحمر، وهو بالمناسبة كان حاضراً خلال الأسبوعين الماضيين، لأنه أحد ألوان العلم المصري أولاً، ولكثرة الأخبار العاجلة التي وردتنا خلالها... ما علينا. يعيش المحبون ظروفاً، أو ربما أعذاراً تعرقل مسيرة هذه العلاقة، أو تغيّر اتجاهها، ودائماً ما يكون بعضها منتهياً بموقف، بعد أن ابتدأ به، أو ينتهي بقرار، وفي النادر جداً أن ينتهي بالحوار. قلت مرة «من المرارير» إن الشاب يحب فتاة، ويجعلها تهيم به، سنوات عدة ربما، ثم يفاجئها بأنه يتقدم للزواج من غيرها، مردداً الجملة الشهيرة العقيمة حد البؤس «أنا ما اخترتها»، أو «قلبي اختارك وعقلي اختارها»، أو عندما يكون قاموسه لمصطلحات الهروب ضعيفاً يحيل كل شيء الى الظروف. الفتيات أحياناً يفعلن المثل، لكن بدرجة أقل كثيراً، وهن غالباً أقل قدرة على مجابهة الظروف إن وجدت، فضلاً عن أنهن في كثير من الأحيان لسن صاحبات القرار. حسناً، الحب إحساس فطري، يظهر ثم ينمو إذا واتته الظروف، أو يتوارى ثم يخبو إذا غلبته الظروف، وأتساءل مجدداً ما هذه الظروف؟ ما طبيعتها؟ كيف يمكن أن تكون مقبولة في السياق الاجتماعي العام أو مرفوضة؟ والأهم كيف يمكن أن تكون ضمن سياقات أخرى من محددات صحة المجتمع النفسية والعاطفية؟ وهل الاختلاف بيننا وبين أمم أو دول أكثر تحضراً إنسانياً، وليس بالضرورة «تنموياً» يمكن أن يكون في إطاره العام متداخلاً مع الظروف التي تتيح أو تعوق نمو العلاقات العاطفية وسيرها في الاتجاه الصحيح كممارسة، والمقبول كعرف، والمرضي لأطراف العلاقة، كإنشاء أسرة مثلاً؟ المشكلات غالباً مادية وأسرية، تكون جميعها تحت مظلة الظروف، وحتى في محكية الناس في كل البلدان العربية تقريباً تظهر لفظة الظروف كمبرر للتطورات السلبية في العلاقة العاطفية، الزوجية، الأسرية، وحتى العلاقات العملية، وعلاقات الأعمال التجارية، بل تصل أحياناً إلى النواحي السياسية. تصف معظم الإناث لفظة «الظروف» بأنها القاتل الأول للحب، سواء كانت ظروفاً حقيقية، أو واهية ومفتراة من الزوج أو الحبيب، وهن يعتقدن أن الرجل الشرقي تعود أن تكون هذه اللفظة جامعة مانعة لا يحتاج معها إلى التبرير، الإيضاح، أو حتى الاعتذار. [email protected]