بينما كان المعلمون والمعلمات في جزيرة قماح في منطقة جازان يتحملون تكاليف النقل من وإلى مقر عملهم في تلك الجزيرة طوال 37 عاماً، ارتأت وزارة التربية والتعليم أخيراً التكفل بتلك التكاليف، كما أكدت عدم فتح مدارس للمرحلتين المتوسطة والثانوية في الجزيرة، لعدم وجود أعداد تتطلب ذلك، باعتبار أن 19 طالباً وطالبة جميعهم في المرحلة الابتدائية يمكنهم أن يكملوا تعليمهم المتوسط والثانوي في جزيرة فرسان التي تبعد عنهم 50 كيلومتر. وذكر مصدر مطلع ل«الحياة»، أن القارب الذي يُقل المعلمين مُلك خاص لمدير مدرسة قماح، ويقوده بنفسه ويقل معلميه معه كل صباح من جزيرة فرسان إلى جزيرة قماح وعلى حسابه الخاص، بينما أنهت زيارة المدير العام لإدارة التربية والتعليم في منطقة جازان محمد مهدي الحارثي أخيراً تحمل المعلمين لتكاليف النقل تلك طيلة 37 عاماً منذ تأسيس ابتدائية قماح للأولاد منذ مطلع عام 1396 ه، لتتكفل الوزارة بدفع التكاليف، مشيراً إلى أن مدرسة البنات تأسست عام 1402 ه، ودفعت المعلمات كلفة نقلهن مدة 32 عاماً، وأن المعلمين والمعلمات يُدرسون ثماني مواد دراسية، مواد الدين والاجتماعيات والرياضيات والعلوم والتربية البدنية والفنية. وأشار قائد المركب الذي يقل المعلمات من جزيرة فرسان إلى جزيرة قماح أبكر عقيلي ل«الحياة»، إلى أنه بدأ بنقل المعلمات الثلاثة ومديرتهن يومياً منذ ثلاث أعوام بمبلغ مالي قدره ألف ريال عن كل واحدة منهن، وهو المبلغ الذي اعتبره غير كاف لسد حاجات المحروقات، باعتبار أن طريق البحر يختلف عن البر، ولفت إلى أنه منذ أن زار مدير التربية والتعليم في منطقة جازان محمد الحارثي الجزيرة قبل نحو شهرين، تكفلت الوزارة بدفع تكاليف النقل وتوفير قوارب مناسبة ومؤمنة بمبلغ 350 ريالاً عن اليوم الواحد. وعن قصة المعلمات اللاتي من خارج فرسان، قال: «المعلمات يسكنَّ مناطق متفرقة من مدينة جازان، ومنهن في محافظة صامطة، وتُقلهنَّ سيارة بعد ظهر يوم الجمعة إلى «العبارة» التي تتجه يومياً من ساحل جازان إلى جزيرة فرسان وتستوعب نحو 650 راكباً و60 مركبة، وتقطع مسافة 50 كيلومتر في حدود مدة ساعة. وتستأجر المعلمات منازل بجزيرة فرسان، وكل صباح يجتمعن في سيارتي الخاصة، وأتجه بهن إلى مرسى الغدير، لأُبحرَ بهنّ إلى جزيرة قماح عند الساعة السادسة والنصف من صباح كل يوم، وأعود بهنّ بعد الظهر، وهكذا حتى يوم الأربعاء، إذ يعدن إلى بيوتهن مع أُسرهن عبر العبارة ليقضين عطلة نهاية الأسبوع». ولفت إلى أنه يوجد في جزيرة قماح معلمات متخرجات لم يتم تعيينهن من وزارة التربية والتعليم، وأن سكان الجزيرة نزحوا إلى فرسان حتى يكمل أبناؤهم وبناتهن تعليمهم للمراحل المتوسطة والثانوية، لعدم توافر مدارس للمرحلتين، ومنهم من يذهب لفرسان يوم الجمعة ويعود يوم الأربعاء حتى يتمكن أبناؤه من إكمال دراستهم. من جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم إدارة التربية والتعليم في منطقة جازان محمد الرياني في تصريح إلى «الحياة»، أن عدد الطلاب في مدرسة جزيرة قماح يبلغ 16 طالباً، جميعهم من المرحلة الابتدائية، وعدد الطالبات ثلاث طالبات، الأمر الذي يدعو الوزارة إلى عدم فتح مدارس لمرحلتي المتوسطة والثانوية في الجزيرة ذاتها، بينما يستطيع الطلاب والطالبات إكمال تعليمهم بتلك المرحلتين في جزيرة فرسان، التي تبعد عن قماح نحو خمسة كيلومترات، مشيراً إلى أن عدد المعلمات والمعلمين الذين يشرفون على تعليم 19 طالباً وطالبة خمسة معلمين بمن فيهم مدير المدرسة، وأربع معلمات بمن فيهن المديرة، بمعدل أن لكل طالبة معلمة، لجميع الفصول الدراسية للمرحلة الابتدائية البالغة ستة أعوام. ولفت إلى أن كلفة نقل المعلمين والمعلمات من جزيرة فرسان إلى جزيرة قماح قدرت بنحو 73 ألف و500 ريال سنوياً، وأن من أبزر المعوقات التي واجهت الوزارة لتوفير التعليم لأبناء الجزيرة، عدم توافر الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء ووسيلة النقل بالقوارب، وخصوصاً عندما تكون الأجواء سيئة لا يمكنهم الذهاب للمدرسة بسبب الرياح الشديدة.