يسعى القادة الأوروبيون في قمة بدأت أعمالها مساء أمس، إلى إعطاء الاتحاد الأوروبي وسائل كافية تسمح بتمويل الاستثمارات، المؤدية إلى إيجاد وظائف حتى عام 2020. ويُتوقع أن تكون المفاوضات طويلة وصعبة، وقد تستمر حتى الغد. وربما تهمّش هذه المفاوضات مواضيع أخرى، كالوضع في مالي والاستراتيجية للمساعدة في متابعة الثورات العربية، واتفاقات التبادل الحرّ المقبلة الواجب التفاوض في شأنها خصوصاً مع الولاياتالمتحدة. وكي يسمح الوقت بمناقشة هذه المواضيع، على الدول الأعضاء ال27 الاتفاق ليلاً على الموازنة الأوروبية. وألحّ رئيس مجلس أوروبا هيرمان فان رومبوي في رسالة الدعوة، على «التوصل إلى اتفاق». وسيطرح فان رومبوي، استناداً إلى معلومات وكالة «فرانس برس»، خلال المفاوضات «اقتراحاً جديداً، وستكون قيمة التعهدات 956.9 بليون يورو وهو السقف المسموح به، وما بين 900 بليون يورو و905 بلايين للمدفوعات أي النفقات الفعلية». وفي كل الأحوال، ستكون موازنة 2014 - 2020 المتأثرة بالتقشف، أقل من الفترة السابقة 2007 - 2013 التي كانت تتخطى الألف بليون، ما يمثل اقتطاعاً كبيراً، خفض 13 بليوناً في التعهدات و30 بليوناً في المدفوعات مقارنة باقتراح قُدّم في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وهذا ما كان طلبه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، الذي لا يفكر إلّا في المدفوعات التي يتفهمها المواطنون أكثر. وهو أيضاً ما كانت ترغب فيه المستشارة الألمانية أنغيلا مركل. وستشمل الاقتطاعات مبالغ مخصصة للبنية التحتية المقسمة إلى النصف، وتنخفض من 40 إلى «أقل من 20 بليون يورو» للسنوات السبع المقبلة. وأعلن المفاوضون في المفوضية الأوروبية، ضرورة «القيام بخيارات». وكانت الموازنة المخصصة للبنية التحتية تؤمن وظائف في مجالات الاتصالات والإنترنت والطاقة المتجددة. وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي إليو دي روبو، أن «المطروح على الطاولة مخيب، ويفتقر إلى رؤية للسياسات الصناعية». كما اقتُطعت نفقات تسيير المؤسسات ووسائل عمل جهاز العمل الخارجي، لكن يجب أيضاً على صندوقي التنمية والتضامن لتمويل نشاطات المطاعم الخيرية للفقراء من سبعة بليون يورو إلى 4.5 بليون. وستُخصص المبالغ، التي ستجمع لتقديم مساعدات مباشرة للسياسة الزراعية المشتركة المرتفعة على فرنسا، وهي الدولة الأولى المستفيدة، ولسياسة التماسك للمناطق الأقل تطوراً في الاتحاد الأوروبي. وطال القسم الأكبر من الاقتطاعات في تسوية تشرين الثاني الماضي، هاتين السياستين. خفض نفقات التضامن وفي مقابل خفض نفقات التضامن، اقترح فان رومبوي مبادرة لإيجاد وظائف للشباب. لكن المبالغ المخصصة لذلك متواضعة، تتراوح قيمتها بين خمسة وستة بلايين يورو على سبع سنوات، استناداً إلى معلومات «فرانس برس»، توزع على مناطق الاتحاد الأوروبي الأكثر تأثراً ببطالة الشباب. ورفض البرلمان الأوروبي أية اقتطاعات إضافية وهدد برفض الاتفاق المبرم على هذه الأسس. وطلب من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي جاء الثلثاء ليعرض على النواب الأوروبيين تصوره لأوروبا، رفض مثل هذه التسوية، لافتاً إلى أن «واجبي هو البحث عن تسوية». لكن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي، هدد علناً ب «رفض اتفاق سيئ». وكان موضوع النقاش أمس، تحسين اقتراح فان رومبوي للوصول إلى توازن بين المواقف الأكثر تشدداً والخطوط الحمر للبرلمان الأوروبي. وأشار مصدر فرنسي إلى «أننا نحاول الحد من الاقتطاعات». وأكد هولاند تمسكه بذلك خلال لقاء مساء أول من أمس في باريس مع مركل. وقال مفاوض أوروبي، «لن يكون الأمر ممكناً، سيكمن التفاوض في إعادة التوزيع لإرضاء الجميع». ويتوافر بعض التفاؤل بالتوصل إلى اتفاق، إذ فضلاً عن الوضع الكارثي لأوروبا، سيؤدي الفشل إلى الخسارة بدءاً بألمانيا التي يمكن أن تخسر بليون يورو من الخفوضات حصلت عليها، على قيمة مساهمتها في الفترة بين الأعوام 2007 و 2013. وحذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، من رفض أي «اتفاق» على الموازنة الأوروبية، من دون إجراء خفوضات إضافية في النفقات. وأوضح لدى وصوله إلى القمة الأوروبية في بروكسيل، أن الأرقام التي كانت مطروحة في تشرين الثاني الماضي، مرتفعة جداً، ويجب خفضها، وفي حال لم يحصل ذلك، فلن يكون هناك اتفاق. وقال كامرون «نتحدث عن المبلغ الذي سيسمح الاتحاد الأوروبي بإنفاقه في السنوات السبع المقبلة، ولا يجب أن يكون الاتحاد معفى من الضغط لخفض نفقاتنا. وكي نكون أكثر فعالية والتأكد من إنفاق الأموال في شكل صحيح».