غلبت المصالح الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الأهداف المشتركة فأفشلت القمة الأوروبية في بروكسيل حول موازنة الاتحاد. وجرت النقاشات حول مشروع الموازنة (972 بليون يورو) للفترة 2014 - 2020 في ظل استمرار أزمة مالية خانقة تكاد تعدم هوامش التحرك بالنسبة إلى كل حكومات الدول الأعضاء. وعمقت الأزمة الانقسامات ودفعت كل زعيم إلى التمترس وراء درع حماية المصالح الحيوية لبلاده لتبرير رفض تقديم التنازلات على طاولة الشراكة. وقد يطاول إخفاق القمة مناخ أسواق المال التي قد تفهم فشل القمة التي استمرت اليومين بمثابة انعدام الإرادة السياسية المشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمام الاتحاد. وبدت بريطانيا مرة أخرى، في نظر الغالبية القارية، العضو «الأناني» الذي لا يتردد في الإضرار بمصلحة المجموعة في سبيل إنقاذ زعامته أمام انتقادات معارضيها. ورفض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون مشروع الموازنة التي عرضها رئيس المجلس الأوروبي رئيس القمة هيرمان فان رومبوي ويقترح فيها خفض سقف الموازنة إلى 972 بليون يورو من أصل 1.047 تريليون اقترحتها المفوضية. واصطدم كامرون بحزم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من أجل انتزاع تحسينات لمصلحة المزارعين مدعوماً من رئيس الوزراء البولندي دوانالد توسك الذي تعد بلاده أكبر مستفيد من صناديق التنمية الأوروبية. وتضمّن مشروع فان رومبوي تعديلات لزيادة الإنفاق الزراعي ثمانية بلايين يورو إلى 373 بليوناً. ورفع فان رومبوي رصيد صناديق التنمية بنحو 10 بلايين إلى 319 بليون يورو، ما أرضى بولندا. وحصلت وارسو على نحو 11 بليون يورو في 2011 في شكل هبات تستثمَر في تطوير البنى التحتية ومشاريع تنمية المناطق الفقيرة. وحاول كل من المستشارة الألمانية أنغيلا مركل وهولاند التخفيف من وقع فشل محادثات اليومين الماضيين. وقالت مركل قبل بدء الجلسة الثانية: «أحرزنا تقدماً لكنني أشك في إمكان التوصل إلى اتفاق». ورأى هولاند إمكان التوصل إلى اتفاق على مراحل معتبراً أن قمة اليومين الماضيين ليست «قمة الفرصة الأخيرة». وأخفقت محاولات فان رومبوي تليين موقف كامرون. وقال: «لم نحرز تقدماً كافياً، فالمشكلة تكمن في أننا لم نحرز تقدماً في خفض الموازنة المقترحة، والوقت ليس وقت تحويل الموارد من بند إلى آخر». وهدد رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز من ناحيته بأن النواب الأوروبيين سيرفضون أي صفقة تكون دون اقتراحات المفوضية (1.047 تريليون يورو) بفارق كبير. وستبحث رئاسة المجلس في كانون الثاني (يناير) عن موعد لاحق لاستئناف مفاوضات الموازنة.