حسمت جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية موقفها الرسمي من المشاركة في الحكومة المقبلة، مؤكدة رفضها أي حقائب وزارية لا يعتمد تشكيلها على الغالبية البرلمانية، فيما دعت قيادات «إخوانية» بارزة إلى سرعة الحوار مع السلطة، شرط أن يكون مع مؤسسة القصر، وأن تحظى نتائجه بضمانات ملكية تكفل تنفيذها. وخلص اجتماع داخلي «طارئ» دعت إليه قيادة الجماعة التي يسيطر عليها التيار المتشدد ليل الثلثاء-الأربعاء، إلى رفض العروض المتعلقة بإمكان مشاركتها في الحكومة الجديدة، والتي وصلت إليها من خلال وسطاء يمثلون الدولة الأردنية. كما سرى قرار الرفض على إمكان المشاركة في مجلس الأعيان المقبل الذي يمثل البوابة الثانية للبرلمان. وقال نائب المراقب العام للجماعة زكي بني ارشيد ل «الحياة»، إن «الإخوان تلقوا عشرات الاتصالات للمشاركة في الحكومة والأعيان، لكن قرارنا النهائي جاء بالرفض». وأضاف أن «هذا القرار حاسم ورسمي ويعبر عن رؤية القيادة المنتخبة والمخوّلة إصدار مثل هذه القرارات». وجاء هذا التصريح بعد أقل من 48 ساعة على تصريح مختلف لبني أرشيد نفسه قال فيه إن «الجماعة ستبحث أي عروض رسمية للمشاركة في الحكومة المقبلة». لكن الرجل الذي يعتبر من أهم الشخصيات النافذة داخل التنظيم السياسي الأبرز في البلاد، عاد ليؤكد أن «المشاركة حُسمت لجهة الرفض»، وأن المخرج الوحيد للأزمة الحالية هو «طاولة حوار ترعاها جهة صاحبة قرار (القصر) للتوافق على خريطة طريق إصلاحية»، و «ضمانات لتنفيذ المبادرات والأوراق الملكية التي تحدثت عن تعديلات دستورية وتغيير على قانون الانتخاب». وقال إن «الحديث عن مشاركة الإخوان في الحكومة الجديدة انتهى بإجراء الانتخابات الأخيرة». لكن القيادي المحسوب على التيار المعتدل داخل الجماعة عبداللطيف عربيات عاد أمس أيضا ليتحدث عن شروط جديدة لقبوله رئاسة الحكومة المقبلة، بعد أن سرت أنباء غير مؤكدة خلال اليومين الماضيين تشير إلى إمكان تكليفه التشكيل الحكومي. واشترط عربيات أن تكون الحكومة المقبلة حكومة «إصلاح وطني»، وأن تحظى ب «إرادة سيادية من الملك عبدالله الثاني»، وأن تكون «مدخلاً لتعديل قانون الانتخاب، بما يضمن إعادة الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة». في السياق ذاته، كشف القيادي المحسوب على التيار الرابع (الوسط) داخل الجماعة عاطف الجولاني ل «الحياة» تفاصيل لقاء جرى أخيراً في منزل رئيس حكومة سابق (تكتم عن اسمه) وحضرته قيادات من «الإخوان»، لحضها على المشاركة في الحكومة ومجلس الأعيان بعد أن قاطعت الحركة الانتخابات البرلمانية. وأكد الجولاني أن هذه الشخصية قدّمت اقتراحاً (يتيماً) للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، يقضي ب «إشراك الإسلاميين بصورة مؤثرة في حكومة ما بعد الانتخابات، وتعيين عدد معتبر منهم عبر بوابة الأعيان»، مضيفاً أن الرد الأولي جاء بعدم الموافقة. وعلمت «الحياة» من مصادر قيادية داخل الجماعة، أن رئيس الحكومة السابق الذي أشار إليه الجولاني، هو فيصل الفايز، أحد القريبين من مؤسسة القصر والعاهل الأردني على وجه الخصوص. كما علمت بتفاصيل ورقة أعدتها قيادات (الوسط) داخل الجماعة، رأت في قبول العروض المذكورة «تناقضاً واضحاً في مواقف الجماعة التي تدعو إلى حكومات منتخبة»، معتبرة أن المخرج الوحيد من حال «الانسداد السياسي» يتمثل في «إنتاج معادلة سياسية تتيح تصحيح المسار والخروج من المآزق المتعددة، لا القبول بعروض قد تفسّر من جهة كثيرين على أنها رشاوى سياسية». كما رأت الورقة التي حطت على مكاتب القيادة الحالية للجماعة أن «الانسياق وراء بعض العروض الجانبية سيكون بمثابة انتحار سياسي للتنظيم الإخواني». يأتي ذلك، فيما توافقت الأحزاب اليسارية والقومية الأردنية (التي منيت بخسارة فادحة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة) على صوغ برنامج جديد لتفعيل العمل المشترك في ما بينها تحت إطار ائتلاف «اليساريين والقوميين». وأعلنت أحزاب «حشد» و «البعث التقدمي» و «البعث الاشتراكي» و «الحركة القومية» أمس توافقها على بلورة موقف موحد لتفعيل عملها المعارض على الساحة المحلية. بموازاة ذلك، أعلن المعارض العشائري البارز محمد عويدي العبادي أمس أيضاً سعيه إلى تأسس كيان سياسي جديد يحمل اسم «برلمان الظل» يكون «بديلاً شعبياً» عن البرلمان ال 17. وكشف العبادي الذي طالب غير مرة بتحويل المملكة الهاشمية إلى «جمهورية»، تفاصيل لقاء «غير معلن» جرى في منزله أول من أمس وضم عدداً من الحراكيين والناشطين السياسيين، لإقرار نظام داخلي لما أسموه «برلمان الظل» بعد أن «ثبت عدم جدية النظام في تحقيق الإصلاح الشامل ومحاربة الفساد»، على حد تعبيره.