أكد الرئيس السوداني عمر البشير أمس، أنه جاد في الحوار مع المعارضة من أجل التوصل إلى مصالحة وطنية، لكنه لن يسمح أن يحدث في الخرطوم ما جرى في العاصمة اليمنية حيث سيطر المتمردون الحوثيون على صنعاء. وقال البشير خلال مؤتمر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في ولاية الخرطوم: «سنواصل الحوار الوطني ولكن الحرية لا تعني الفوضى التي وصل إليها إخوتنا في اليمن حيث استمر الحوار هناك عاماً ولكن استغله الآخرون للوصول لما حدث الآن». وأضاف: «نحن جادون في إتاحة الحريات والحوار الجاد. ونقول لمَن يطالبون بالحريات والحوار إن الحرية لها سقوف ولا توجد حرية مطلقة ولن نسمح أن يحدث في الخرطوم ما حدث في صنعاء». ورهن البشير عودة زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي إلى السودان بالتبرؤ و «الاغتسال» من «إعلان باريس» الذي وقّعه مع تحالف متمردي «الجبهة الثورية». ولفت الى أن زعيم حزب الأمة وقع اتفاقاً مع «الجبهة الثورية» لتغيير النظام، وأن الجبهة أسست برنامجها على إسقاط النظام بالعمل المسلح. وزاد: «مَن يُرد أن يسقط النظام بالعمل السياسي فمرحب به». وأكد البشير عدم التفاوض مع حركات دارفور بعيداً من وثيقة الدوحة واعتبرها نهائية. كما أوضح أن الحكومة ليس لديها ما تقدمه إلى متمردي «الحركة الشعبية – شمال» بشأن منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق سوى التسريح وإعادة الدمج في ما يخص الترتيبات الأمنية. وقال البشير إنه جاد في مبادرة الحوار التي طرحها في كانون الثاني (يناير) الماضي لمناقشة كل القضايا الوطنية من دون سقف، ومنح المعارضة المسلحة ضمانات كافية للمشاركة في طاولة حوار وطني داخل البلاد. وأعلن رفضه استهداف الجيش والقوات الحكومية التي تتصدى ل»أعداء الوطن». وتابع: «لن نسمح لحاملي السلاح أن يشهروه ويحاوروا في الخرطوم كما لن نسمح للمعارضة في العاصمة بالتعاون مع المعارضة المسلحة في الخارج»، مؤكداً أنه لم يلجأ إلى الحوار بسبب ضعف حكومته أو البحث عن مخرج بعد «التفاف الحبل حول أعناقنا». ويُعتبر هذا أول ظهور للبشير في نشاط عام منذ خضوعه لعملية جراحية في مفصل الركبة اليسرى في الخرطوم في 11 آب (أغسطس) الماضي. كما خضع لعملية في مفصل الركبة اليمنى في أيار (مايو) الماضي. إلى ذلك، صادق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على مشروع قرار خاص بوضع حقوق الإنسان في السودان، يُبقي الخرطوم بموجبه تحت البند العاشر من ميثاق المجلس، المتعلق بمساعدته لتحسين أوضاع حقوق الإنسان مع توسيع البند ليسمح للخبير المستقلّ التحقق والتقصي والإبلاغ عن وضع حقوق الإنسان في البلاد. وسمّى مجلس حقوق الإنسان الإيرلندي توماس ادوارد، خبيراً مستقلاً لحقوق الإنسان في السودان خلفاً لمشهود بدرين، الذي قدم استقالته أخيراً. ويُعتبر الخبير الجديد أحد المهتمين بالشأن السوداني وألّف 3 كتب عن السودان، وعمل في فترة سابقة معلماً في البلاد، وتجوّل في عدد من مناطقها، وتقلّد منصب مستشار سياسي للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إبّان فترة استفتاء جنوب السودان ومستشاراً لبعثة الأممالمتحدة في جوبا، ونشط في مجال حقوق الإنسان. وحمل القرار الدولي إدانة لوضع حقوق الإنسان في السودان، إلى جانب القمع والعنف الذي تستخدمه السلطات السودانية في مواجهة التظاهرات السلمية في البلاد. وطالب الخرطوم بفتح تحقيق علني ومستقل حول إطلاق النار على المتظاهرين في أيلول (سبتمبر) 2013 وآذار (مارس) الماضي، وإحالة النتائج على القضاء لضمان تحقيق العدالة والمساءلة. من جهة أخرى، شهدت الخرطوم تظاهرات محدودة ومتفرقة بمناسبة مرور عام على احتجاجات أيلول الماضي التي سقط ضحيتها العشرات. وفرقت الشرطة تظاهرات في حي أبو روف في أم درمان. وأحرق المشاركون الإطارات في الشارع الرئيسي وهتفوا بشعارات مناوئة للنظام الحاكم. واقتحم رجال الأمن مقرّ الحزب الشيوعي في أم درمان، وصادروا وثائق ودمروا أجهزة حاسوب وأتلفوا 10 آلاف ملصق لضحايا الاحتجاجات. وحاصرت سيارات الأمن والشرطة مساء أول من أمس، ميداناً في حي بري شرقي وسط الخرطوم ومنعت تنظيم تأبين للصيدلي صلاح سنهوري الذي سقط في احتجاجات العام الماضي. وتحدثت أنباء عن منع التأبين على رغم حصول أسرة القتيل على إذن من الشرطة. واعتقلت السلطات الأمنية الأمين العام لحزب الأمة المعارض سارة نقد الله وابنة رئيس الحزب رباح الصادق المهدي وآخرون قبل الإفراج عن بعضهم. وقال الحزب إن عدد الموقوفين يزيد على 130 من السياسيين والناشطين. ومنعت السلطات نائب رئيس حزب الأمة محمد عبد الله الدومة من السفر لحضور مؤتمر في نيروبي، ممثلاً لهيئة محامي دارفور. وأبلغته سلطات الأمن في المطار أن هناك أوامر عليا بمنعه من السفر بحجة تهديد الأمن الوطني.