لا زالت بعض السيدات يبحثن عن عبق التراث القديم في مناسباتهن الخاصة على رغم اندثاره وجهل الكثير من الناس بها، إذ تعرت الأفراح المكاوية الحالية من بعض المظاهر التراثية ذات القيمة المعنوية والمادية والتي كانت تميزها في السابق. وفي المقابل لا زالت بعض السيدات يحتفظن بتراثهن الأصيل الذي ورثنه عن أجدادهن ليصبح اسم التراث مقترناً باسم عائلتهن التي اشتهرن به على مر السنين. و«البدلة الثقيلة» أحد مظاهر التراث الحجازي، اشتهرت بارتدائه فتيات مكة في ليلة عرسهن قبل احتلال فستان الزفاف الأبيض، الذي لا يتفوق عليه في القيمة المادية والمعنوية، وقد بدأ ارتداء البدلة الثقيلة في الاندثار على رغم ثقل حجمه، وحجم كلفته المادية الباهظة، ولا زالت بعض السيدات يبحثن عنها ليرتدينها في ليلة ال «غمرة» أو ما تسمى بليلة ال «حناء». واشتهرت بنات وحفيدات عبدالرحمن آل عارف بتأجير «البدلة الثقيلة» على مدى أكثر من مئة عام والتي اشتهرت بحياكتها السيدتان رحمة الله عليهما «رحمة عارف» و«خيرية عارف» والسيدة «فاطمة عارف» رحمة الله عليها والمشهورة ب «فتو» والتي كان يطلق عليها «اللبيسة» ويقصد بها الذي تقوم بإلباس البدلة للعروس. وتذكر وريثة التراث «سوزان أحمد عارف» خلال حديثها مع «الحياة» أن عائلتها لا زالت متمسكة بهذا التراث الأصيل المتوارث، والتي اشتهرت به إذ ترفض بيع هذه القطع الفريدة والمعدودة إحياء لها. وتؤكد سوزان أنه على رغم أن الكثير من السيدات يجهلن ما هي «البدلة الثقيلة»، إلا أن هناك سيدات لا يزلن يبحثن عنها طلباً في استئجارها وارتدائها في مناسباتهن الخاصة. وتقول سوزان: «تتعدد المناسبات التي ترتدي فيها العروس «البدلة الثقيلة» ك يوم الغمرة، وفي زفة الحنة، وزفة الخريطة، وترتدي أيضاً في زفة السبوع النفساء، وكذلك أهل العريس قد يرتدينها أثناء زفة ابنهن» وعللت سوزان سبب تسمية الثوب ب «البدلة الثقيلة» لثقل حجمه المحاك ب «الكنتيل الفضة» الذي يزيد من ثقل الثوب حتى يصل ثقل وزنه إلى 60 كيلو غراماً، ويترتب عليه أيضاً غلاء ثمنه لتصل قيمته إلى 200 ألف ريال، مشيرة إلى أن سعر تأجير الثوب في الليلة الواحدة يبلغ 200 ريال للسيدات و800 ريال للفتيات الصغار. وتصف سوزان طريقة ارتداء البدلة الثقيلة إذ إنها تتميز بطريقة لبس معينة إذ تقوم هي بنفسها بإلباس الثوب للعروس والذي يستغرق مدة زمنية تصل إلى النصف ساعة، فتقول: «تتألف البدلة الثقيلة من سروال طويل وقطعة سديري على الصدر، ومن ثم ترتدي عليه العروس ثوباً ضيقاً يسمى ب «الزبون»، ومن ثم يرتدى عليه الثوب الثقيل المطرز بالكانتيل الفضة، وتلبس القطعة المطرزة وهي ما تسمى ب «الحجل» على طرف السروال عند معصم القدم. وبعد ذلك ترتدي العروس «المحرمة المدورة» والتي تتألف من قطعتين وهما «الشمير» وهي عبارة عن قطعة مثلثة صغيرة تقوم بتثبيت المدورة، ثم ترتدى «المدورة» وهي عبارة عن قطعة مستطيلة طويلة يبرم عليها الشعر بعد أن يظفر إلى ظفيرتين، ومن ثم يلف عليه المحرمة المدورة المحاكة بالكنتيل الفضة وتلف حول الرأس.