منذ أسبوعين وأنا هارب من كتابة مقالتي الرياضية الأسبوعية وهارب من مشاهدة المباريات والمنافسات الرياضية، أغلقت «جوالي» وجلست وحدي أراجع مشاهد الزمن والذكريات وأتساءل في نفسي بإلحاح وحرقة: هل هناك جدوى لما نكتب؟ وهل كتاباتنا ومقالاتنا تساوي الوقت والحبر والورق وثمن «الآيباد» الذي تُكتب عليه؟ وإذا كانت تلك المقالات وتلك الكلمات لا تساوي ولا تجدي ولا تهم ولا تغيّر واقعاً ولا تحرك ساكناً ولا تسكن متحركاً، فلماذا نكتبها أصلاً ونُتعب أنفسنا ونُتعب معنا القراء والمصححين ومخرجي الصحف ومراجعيها وموزعيها؟! إذا كانت المقالات والكلمات ليست سوى «قصر من وهم لا نسكن فيه سوى لحظات»، فلماذا نبني هذا القصر الواهم؟ ولماذا نمني النفس بأن تسكن فيه لبضع لحظات لا تمتد ولا تبقى؟ عبثاً حاول مسؤولو القسم الرياضي في «الحياة» الوصول إليّ خلال الأسبوعين الماضيين، ولكنني مكثت بعيداً أفكر في حال الرياضة السعودية التي باتت لا تسر العدو والصديق، وتذكرت تلك المقالات التي كتبتها ودبجتها في تشخيص حال الرياضة السعودية بمنتخباتها وفرقها الأولمبية، واضعاً حلولاً ربما لم يقرأها سواي ورئيس القسم الرياضي والمصحح اللغوي، أين تلك الحلول وهل باتت مثل الذرات الصغيرة التي تذروها الرياح؟ وتذكرت نادي الوحدة الذي أمضيت عقداً من عمري أكتب عنه وأشخص حاله وأحاور رموزه، مشاركاً في وضع خططه الاستراتيجية بالكتابة والتحليل والمقالات المطولة، وهنا توقفت لأتساءل أين ذهبت مقالاتي وهل كتبتها بحبر يتبخر مع الوقت؟ أم أنه فشل المنتخب وفشلت الرياضة السعودية وفشل نادي الوحدة وبات محطة واستراحة لجميع الفرق السعودية، وفشلت فرقنا الأولمبية التي لم تعد تحصل فرقها سوى على ميدالية واحدة يحققها «الحصان» ولا يحققها الرياضي السعودي..؟! وبعد تفكير عميق بدأت أشك وأشعر أنني وغيري من الكتاب والإعلاميين والصحافيين جزء مهم من المشكلة، وشركاء أساسيون في الكارثة التي حلّت على الرياضة السعودية، ربما أننا شخّصنا الواقع المر بشكل خاطئ، وربما كتبنا حلولاً غير واقعية، وربما أننا تحيزنا وتعصبنا حتى فقدنا صدقيتنا، ومن الممكن أننا كتبنا بطريقة مملة وغير جاذبة لصانع القرار الذي لم يلتفت لكتاباتنا. لا بد من أن هناك أمراً ما غير صحيح على الإطلاق قمنا به لنشارك في المصيبة، فإما أن يكون المسؤول هو المخطئ، وإما أن يكون المنفذون هم المخطئون، وإما أن يكون الكتّاب هم المشكلة، وإما أن يكون الخطأ في جمهور الرياضة السعودية، وحينها لا بد من أن نبحث عن جمهور جديد لمشاهدة الرياضة السعودية ربما بمنظور آخر ووجهة نظر مختلفة. [email protected] @hishamkaaki