توقع محافظ المصرف المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري، أن يحقق الاقتصاد المغربي «أداء ضعيفاً هذه السنة»، محذراً من «تفاقم الصعوبات المالية على المديين المتوسط والطويل في حال عدم معالجة خلل التوازنات الماكرو اقتصادية، ومنها عجز الموازنة الذي فاق 6 في المئة من الناتج المحلي». ولفت الجواهري في حديث إلى «الحياة»، إلى أن «النمو المرتقب لهذه السنة سيكون دون 5 في المئة، بسبب تراجع المؤشرات ومنها انخفاض الإنتاج الزراعي نتيجة ندرة الأمطار، وارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية، واستمرار الأزمة الاقتصادية في دول منطقة اليورو الشريك التجاري الأساس للمغرب». ولم يغفل تداعيات «الربيع العربي» التي «انعكست سلباً على حجم التدفقات الاستثمارية الخارجية، وحركة السياحة الدولية نحو جنوب البحر الأبيض المتوسط». واعتبر أن الظروف الإقليمية والدولية «غير مساعدة لحفز النمو الاقتصادي المحلي»، ما دفعه إلى اقتراح خفض أسعار الفائدة المرجعية ربع نقطة مئوية بين المصارف التجارية، لتشجيع الاستثمار والإبقاء على السيولة الكافية لإقراض الشركات والأفراد عبر زيادة حركة القروض المقدرة ب 740 بليون درهم». ونبّه الجواهري الحكومة إلى «مراجعة معدلات النمو نحو الانخفاض، والاهتمام بمعالجة عجز الخزينة الذي يمكن أن ينعكس سلباً على الاقتصاد، بسبب الحاجة إلى تمويله عبر آليات الاقتراض الداخلي». وتحتاج الخزينة إلى تمويل من السوق المحلية قدرتها موازنة هذه السنة بنحو 48 بليون درهم من المجموع وربما تصل إلى 66 بليوناً، منها بليونا يورو يُتوقع رفعها من السوق المالية الدولية لاحقاً. وتوقع المصرف المركزي، أن يتراوح النمو «بين 2 و3 في المئة، في مقابل توقعات حكومية سابقة لنمو 4.2 في المئة، وهو موضوع أثار جدلاً واسعاً في البرلمان بين الغالبية والمعارضة مع إقرار الموازنة، التي تأخرت المصادقة عليها حتى منتصف الشهر». النمو ونما الاقتصاد المغربي بنسبة 2.2 في المئة في الربع الأول من السنة، وفق تقرير المندوبية السامية في التخطيط. واعتبر الجواهري أن «استمرار تدهور المؤشرات الاقتصادية والمالية أمر سيء، ينعكس على توجهات الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين». وكانت البورصة المغربية خسرت 11 في المئة من قيمتها الرأسمالية في الشهور الأربعة الماضية، أي نحو 6 بلايين دولار. كما ارتفع عجز الميزان التجاري بليون دولار في الفترة ليبلغ مجموع عجز ميزان المدفوعات 64 بليون درهم، وهو أكبر عجز خارجي في تاريخ المغرب. وسجلت التدفقات الاستثمارية انخفاضاً نسبته 3.7 في المئة، لتصل إلى 8.6 بليون درهم، واستقرت إيرادات السياحة على 16.6 بليون درهم. وباتت تحويلات المهاجرين المصدر الأول للعملة الصعبة لتبلغ 17.7 بليون درهم. وواصلت الرباط استعمال جزء من احتياطها النقدي لتمويل عجز ميزان المدفوعات، وهي صيغة غير مستحبة لدى المصرف المركزي، الذي يتخوف من استنزاف هذه الموارد التي لم تعد تغطي سوى خمسة أشهر من مشتريات السلع والخدمات، فيما كانت تقدر ب11 شهراً، في وقت اعتاد المستهلك المغربي على اقتناء السلع المصنعة خارجياً، مستفيداً من تراجع الرسوم الجمركية، تطبيقاً لاتفاقات المناطق التجارية الحرة التي تربط المغرب بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا والدول العربية وأميركا اللاتينية. إلى ذلك، توقعت الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، أن يرتفع النمو الاقتصادي العام المقبل بما يتجاوز 5 في المئة، بعودة الأمطار وتحسن الوضعية في الأسواق الأوروبية، واستقرار الأسعار في السوق الدولية.