باماكو، واشنطن - أ ف ب – استقبل آلاف من سكان مدينة تمبكتو، شمال مالي، والتي حررتها القوات الحكومية والفرنسية إلى جانب مدن أخرى شمال البلاد، من قبضة الجماعات الإسلامية المسلحة، الرئيس الفرنسي الزائر فرنسوا هولاند مرددين «تحيا فرنسا، يحيا هولاند». وأمام الحشد الذي ارتدى عدد كبير من أفراده قمصاناً عليها علما فرنسا ومالي، أمسك هولاند بيد الرئيس المالي الموقت ديونكوندا تراوري ورفعا علامة النصر وسط تصفيق حاد. وعكس ذلك أهمية «نجاح» الحملة الفرنسية التي انطلقت في 11 كانون الثاني (يناير) في شمال مالي، لكن هولاند شدد على أن الحملة «لم تنته»، مستدركاً أن قوات بلاده «لن تبقى إلى الأبد، وستحل القوات الأفريقية الصديقة بدلاً منها» في مالي. وكان لافتاً أن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أشاد بتحقيق القوات الفرنسية «تقدماً هائلاً أسرع مما توقعناه في مالي». لكنه رأى أن «مهمة شاقة» تنتظر هذه القوات «إذ يتمثل التحدي في الحفاظ على الأمن، وتأمين الموارد اللازمة لذلك. كما يجب أن تضمن أنه حين يأتي وقت بدء الانسحاب (الفرنسي) ستكون الدول الأفريقية جاهزة لتولي زمام الأمور وحفظ الأمن». ويرى مراقبون أن مرحلة ما بعد الحرب تشكل المشكلة الأساسية في مالي، إذ يجب حل مشكلة الشمال بالاعتماد على الطوارق من أجل مكافحة «الجهاديين» والمهربين، وأن تبقى القوات الفرنسية لتدريب القوات الأفريقية التي لم يكتمل تشكيلها وانتشارها. وخلال زيارته لتمبكتو التي استمرت ثلاث ساعات، قال هولاند لدى تفقده مع تراوري مسجد جينغاريبر، أبرز أماكن العبادة في المدينة: «رغبت في أن أظهر أن المسلمين أنفسهم يريدون تحرير بلدهم». ثم زار مركز حفظ المخطوطات التاريخية في المدينة، والتي أحرق الإسلاميون قسماً منها. وتنقل هولاند وسط إجراءات أمن مشددة تمثلت في نشر جنود فرنسيين وماليين كل مئة متر، وخاطب الضباط الفرنسيين قائلاً: «ستبقون حتى تحرير كل مالي من الجهاديين». وزاد إن الوجود الفرنسي في تمبكتو يهدف أيضاً إلى تأمين المدينة التي تشكل رمزاً تاريخياً للإسلام المتسامح والمعتدل. وشكر تراوري التدخل الفرنسي، وقال: «سنبقى معاً لنحرر كل مدن مالي من القوى الجهادية». وأشادت امرأة، لدى ترحيبها بهولاند، بسرعة تحرير الشمال من دون قتال واستدركت: «نحن قلقون لأن الجهاديين تبخروا في الطبيعة، ما يتطلب بقاء الجنود الفرنسيين خمسة شهور للبحث عنهم». وكان هولاند وصل صباحاً إلى بلدة سيفاري (وسط)، في مستهل زيارته لمالي، والتي رافقه فيها وزراء الدفاع جان ايف لودريان والخارجية لوران فابيوس والتنمية والتعاون باسكال كنفان ومديرة «يونيسكو» ارينا بوكوفا التي تهتم بالتراث التاريخي لمدينة تمبكتو. وإثر معلومات أوردتها منظمات معنية بحقوق الإنسان عن ارتكاب الجيش المالي «أعمالاً انتقامية» ضد مدنيين من الطوارق والعرب في سيفاري وموبتي ونيونو ومدن أخرى مجاورة لمناطق المواجهات، دعت الأممالمتحدة الجيش إلى «حماية جميع السكان بمعزل عن عرقهم». وأيدت باريس الاثنين الماضي «انتشاراً سريعاً لمراقبين دوليين للتحقق من احترام حقوق الإنسان».