خيّم «شبح» ما يُعرف ب «الحركة التقويمية» على أشغال اليوم الأول للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني. وفي حين بدا أن الأمين العام عبدالعزيز بلخادم نجح في عرض شعبيته داخل اللجنة، إلا أن كواليس اجتماعات الحزب عجّت بأحاديث عن مفاجآت مفترضة لمصلحة معارضيه. وبدأت أشغال اللجنة المركزية لجبهة التحرير برئاسة بلخادم الذي افتتحها بتقديم تقريره الأدبي والمالي المتضمن مختلف نشاطات الحزب منذ انعقاد الاجتماع الأخير للجنة المركزية. وعرفت أشغال هذه الدورة غياب 38 عضواً من بين 351 عضواً من أعضاء اللجنة المركزية، منهم 25 لم يبرروا غيابهم، بينما قدّم 13 مبررات لعدم حضورهم. ومن المتغيبين أعضاء انضموا إلى ما يسمى ب «تأصيل وتقويم الحزب» ومنهم على الخصوص عبدالرزاق بوحارة ومحمد بوخالفة وعبدالكريم عبادة ووزراء حاليون وسابقون ومحافظون ونواب في البرلمان. والمفترض أن أمانة اللجنة المركزية وجّهت الدعوة إلى كامل أعضاء اللجنة المركزية وهم «أحرار في الحضور أو الغياب ... ومن يتغيب يتحمل المسؤولية». ومن المنتظر أن يلقى غياب هؤلاء الأعضاء الفاعلين في اللجنة المركزية بظلاله على أشغال الدورة، حيث سيُطرح أمامها الصراع الموجود في ساحة الحزب خصوصاً بعد دعوة مجموعة «التأصيل والتقويم» إلى إعادة النظر في خط الحزب وتوجهاته. وسُجّل، في هذا الإطار، حضور العشرات من مناضلي الحزب إلى مكان الاجتماع حاملين لافتات تطالب بتطهير الحزب وتقويم مساره وإعادته إلى «وضعه الأصيل». وعلى رغم ذلك، فقد نجح بلخادم في تمرير رسائله أمام أعضاء اللجنة المركزية الحاضرين وعددهم، كما قال، 320 عضواً، قائلاً إن 14 عضواً تغيّبوا بمبررات ذكرها حالة بحالة، لدرجة أنه ذكر الالتزامات الشخصية أو المرضية لكل عضو متغيّب (حفلات زواج أو مبررات مرضية ملزمة، كما كان الحال مع عضو اللجنة المركزية عباس ميخاليف). وكان لافتاً أن أشغال اللجنة المركزية حضرتها وجوه كثيرة اعتادت التغيّب عن اجتماعات شبيهة. وفسّر قياديون في الجبهة حضور هذه الوجوه برغبة أصحابها «في تبيان وقوفهم مع بلخادم، لأن غيابهم سيُفسّر على أنهم يقفون ضده». وقال هؤلاء القياديون إن بعض الوجوه الغائبة يحسبها بعضهم على حركة «التقويم والتأصيل». وسُجّل غياب عبدالرزاق بوحارة والوزيرين محمود خوذري والهادي خالدي، في وقت كان قياديون موالون لبلخادم يرددون قبل افتتاح الجلسات أن خالدي «قد يصل في أي لحظة للتراجع عن مسعاه وقراءة بيان اعتذار» عن دوره في حركة «التقويم». كذلك سُجّل تغيّب عبدالرشيد بوكرزازة وصالح قوجيل ومحمد الصغير قارة ومحمد بوخالفة ومحمد بورايو. وأحرج عضو اللجنة المركزية محمد شوقي مزيان الأمين العام بمجرد شروعه في قراءة جدول الأعمال، إذ قاطع الأمين العام وتوجّه إليه ب «اعتراض» يطالب فيه ب «توزيع وثيقة أرسلها عبدالرزاق بوحارة». لكن الأمين العام رد على خطوة مزيان بالقول إن «بوحارة كتب في وثيقته أنها موجّهة لي ولأعضاء اللجنة المركزية ولذلك فقد خلت أنها معهم». وقرأ بلخادم «الرسالة كاملة» على الحضور وحملت توقيع كل من بوحارة وبوخالفة. وسعى بلخادم إلى إحراج القياديين بأن دعاهما إلى المشاركة في أشغال الجلسة وعرض أفكارهما و «لو استلزم الأمر تمديد اجتماع اللجنة المركزية لأكثر من ثلاثة أيام». وختم الأمين العام قائلاً: «بدورهما، ردّا على مراسلتي (مساء (الأربعاء) وقالا إنهما فهما من ردي أن الوثيقة ستمر بنفس الممارسات السابقة غير الديموقراطية»، ثم أكمل مخاطباً القياديين: «مرحباً بكما في اليومين المتبقين من الدورة، وإن لم تحضرا فمرحباً في الدورة القادمة (كي يتم) عرض الوثيقة بكل ديموقراطية».