انتهت بطولة الخليج بفوز الإمارات، ونال عمر عبدالرحمن ورفاقه من الحفاوة والتكريم ما جعل المنتخب الأبيض يشعر بمسؤولية أكبر في المنافسات المقبلة. واُعتبر مهدي علي المدرب الوطني نموذجاً للنجاح والتفوق.. بينما تمت تصفية حسابات مدربي الأخضر السعودي ريكارد، والعنابي القطري أتوري، وأبقى العمانيون على الفرنسي لوغوين، وأخذ المدربون حصة الأسد من نقاشات الرأي العام وحبر الصحف وتحليلات الفضائيات، ومحصلة ذلك أن الأجانب لم يعودوا يدربون بجدية، ولا يعنيهم في علاقاتهم باتحادات الكرة في الخليج سوى العقود وما تتضمنه من بنود (..) لهذا كانت النتائج مخيبة للآمال، ولو تعلق الأمر بمدربين قادوا فرقاً ومنتخبات عالية القيمة والمكانة. هذا السؤال الذي طرحه أهل الخليج في شأن المدرب الأجنبي، يطرحه أهل المغرب بصيغة مقلوبة، بعد خروج تونس والمغرب والجزائر من الدور الأول لكأس أفريقيا للأمم بجنوب أفريقيا.. وهي بمثابة تسونامي ضرب الثلاثي العربي المشارك في غياب مصر ذات الخبرة الأفريقية. وخرج السؤال من أرشيف الكرة العربية: صدقنا أن الأجانب لا يصلحون لنا، ولكن ها أنتم تشاهدون الخروج المر لنسور قرطاج التي لم تحلق عالياً، وأسود الأطلس التي لم تزأر أبداً مع الطائين، الطرابلسي والطاوسي.. وأما الجزائر فأمرها مختلف مع البوسني خليلوزيتش الذي اعترف بأنه عاش كابوساً مرعباً لم يكن يتصوّره بعد أن كان يمنّي النفس باللقب أو حتى بالوصول للدور الأخير.. وهو يقدم رجلاً للخروج ثم يسحبها للبقاء، شعوراً منه أنه بنى فريقاً مستقبلياً، وأنا مع هذا الرأي، فالرجل نجح في وضع أسس فريق حقيقي، غير أن الناس يستعجلون النتيجة، ولا يطلبون أكثر من لعب نهائي كأس العالم 2014 (..) حتى أن خليلوزيتش قال: «الجزائريون يطلبون أشياء لا تصدق..». ولعل المؤلم في كل هذا تحول بعض المنابر الفضائية إلى مجال مفتوح لتصفية الحسابات مع من لا يعجبهم، المدرب والاتحاد واللاعبين.. بل إن الأمر وصل حدّ التحامل المفضوح.. ولا أعرفُ إن كان هذا من صميم المهنية في العمل الصحافي. فالمفارقة أن مدربين أجنبيين (ريكارد و أتوري) في الخليج طارا بعد أن أخفقا في الانتقال إلى الدور الثاني، وأن مدربين مواطنين (الطاوسي والطرابلسي) كيلت لهما ملاحظات لفشلهما في بلوغ الدور الثاني أيضاً.. وبين هذا وذاك يكون السؤال كالتالي: «من يصلح لقيادة منتخب عربي؟» ويكون الجواب: «لا بد من البحث عن مدرب أجنبي من أصل عربي ولو في كوستاريكا أو الفيليبين».. لأن هذا الخليط يمكنه أن يبعد فكرة الخواجة من حديث المجالس، ولا ينتقص من شأن المدرب الوطني، لأن هناك من نجح بهذه الوصفة في عديد المناسبات أمثال الزياني والجوهري والشتالي وخالف وسعدان وشحاتة.. ومهدي علي. قناعتي هي أن جري الاتحادات وراء المدربين العالميين مضيعة للوقت وللمال، إذ لم يعد يفيد في شيء، فالكرة اليوم مختلفة عما كانت عليه قبل ثلاثين وأربعين عاماً.. والشاهد على ذلك أن منتخب إسبانيا يشبه الآلة التي لا تحتاج إلى من يراقب عملها.. بل أحياناً تكون بحاجة إلى فني بسيط، وليس إلى مهندس بارع! [email protected]