تقف فتاة سعودية على طريق الملك عبدالله في الرياض يومياً بين الساعة التاسعة صباحاً والخامسة مساء، لتبيع مناديل لعابري الطريق، وتحقق أرباحاً متواضعة تساعد بها والدها في تأمين لقمة العيش لإخوتها الذين يبلغ عددهم 12 شخصاً. الفتاة التي فضلت عدم ذكر اسمها واكتفت بكنيتها «أم فهد»، في العقد الثاني من عمرها، وأجبرتها ظروف والدها على أن تطرق باب الرزق لتجد على طريق الملك عبدالله ضالتها، إذ تجلس على سجادة صغيرة وأمامها علب مناديل ذات جودة متدنية وألوان متعددة يشتريها منها عابرو الطريق. تسكن أم فهد جنوب مدينة الرياض، وتقلها سيارة أجرة من منزلها إلى الموقع الذي اعتادت عرض مناديلها فيه، وتعيدها سيارة أجرة أيضاً عند الساعة الخامسة مساء إلى منزلها، ويكلفها ذلك 60 ريالاً، بينما تكسب يومياً 130 ريالاً، وتجدها مكسباً جيداً يساعدها وأسرتها كثيراً، خصوصاً أن تجارتها لا تحتاج إلى رأسمال كبير، فالمناديل سهلة الحمل والنقل والتخزين. أكبر مشكلة تواجه أم فهد هي أن الجهات المعنية تعتبرها متسولة خلف «كرتون المناديل»، على حد قولها، «ولذلك قبضت فرق مكافحة التسول عليّ أكثر من 15 مرة، وتم إيداعي سجن الملز النسائي، الذي قضيت فيه 15 يوماً كحد أقصى، وما إن يطلق سراحي حتى أعود إلى بيع علب المناديل». ومنذ 6 أعوام تبيع هذه الفتاة بضاعتها لبعض عابري طريق الملك عبدالله الذين يقدر عددهم بالآلاف يومياً، وتعرف أن غالبيتهم ليسوا في حاجة إلى مناديلها، وإنما يحاولون مد يد العون لها، وترى فيهم الوفاء تجاهها. وتؤكد هذه الفتاة أنها لم تتلق أية إعانة من برنامج إعانة الباحثين عن العمل (حافز)، بل إنها لا تعلم عنه شيئاً. أما والدها فهو متقاعد عن العمل، ويبلغ راتبه التقاعدي 1500 ريال، يعول به 12 طفلاً، وتعد أم فهد أكبرهم، وهي تحاول أن تساعده ولو بجزء قليل من المال. حينما تغادر أم فهد موقعها مساء لا تترك أي أثراً خلفها، على عكس ما يخلفه غالبية الباعة المتجولين.