قفزت البطالة في ألمانيا في نهاية الشهر الأول من السنة الجارية إلى ما فوق ثلاثة ملايين شخص للمرة الأولى منذ آذار (مارس) الماضي ووصلت إلى أعلى مستوى في أكثر من سنتين، وفق بيان للوكالة الاتحادية للعمل صدر أمس. وزاد عدد العاطلين من العمل 300 ألفاً عن الشهر السابق ليصل إلى 3.14 مليون شخصاً. وقال رئيس الوكالة فرانك فايزه: «إن ارتفاع البطالة بقي مع ذلك أقل مما يحصل سنوياً في فصل الشتاء، وبالتالي فإن للزيادة أسباباً فصلية تتعلق بمدى قسوة الشتاء وتوقف الأعمال فيه، خصوصاً أعمال البناء بمختلف أنواعها التي تجري في صورة مكشوفة على الأرض». ودعم خبراء كثر هذا الرأي، وأشاروا إلى أن شركات عديدة تلجأ في هذا الفصل إلى صرف العاملين والمستخدمين لديها بانتظار تحسن أحوال الطقس. وكانت البطالة في ألمانيا ارتفعت في نهاية الشهر الأخير من العام الماضي في صورة ضئيلة، وبقي عدد العاطلين من العمل تحت عتبة ثلاثة ملايين شخص. ولفتت النشرة الاقتصادية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة الألمانية - العربية إلى أن الإحصاءات التي نشرت أخيراً عن عدد العاطلين من العمل العام الماضي سجلت أقل معدل لها خلال السنوات العشرين الماضية. وذكر فايزه مطلع السنة الجديدة «أن دينامية سوق العمل تباطأت بصورة واضحة الشهر الماضي» إذ وصل عدد العاطلين من العمل إلى نحو 2.9 مليون شخص بزيادة بلغت 88 ألف شخصاً. وأضاف أنه يتوقع لعام 2013 أن تبقى البطالة مستقرة وسطياً على ما استقرت عليه أخيراً بمعدل 6.8 في المئة. زيادة الأجور وأعلنت وزيرة العمل الاتحادية أورزولا فون دير لاين، أنها لا تتوقع حصول ارتفاع كبير في معدل البطالة، مشيرة إلى أن «ثمة حظوظاً بأن تبقى سوق العمل متماسكة في شكل جيد». وذكر فايزه أنه مرتاح للتطور الذي حققه سوق العمل خلال العام الماضي، «على الرغم من أنه كان يتحرك في محيط صعب ومعقد». وذكر معهد بحوث الاقتصاد «إي في» في كولونيا في استطلاع أجراه أواخر العام الماضي مع 46 رابطة قطاعية، أن 11 منها تنتظر انخفاضاً في عدد العاملين فيها هذه السنة في مقابل ستة روابط قطاعية تنتظر زيادة عددهم في حين توقع 29 منها بقاء العدد على حاله تقريباً. ولم يهدأ النقاش في ألمانيا بعد حول حجم زيادة الأجور في البلاد لتصحيح اختلال التوازن في كلفة العمل والإنتاج بين ألمانيا ودول منطقة اليورو. ومثل العام الماضي رفع عدد من معاهد البحوث الاقتصادية، مثل معهد «دي أي في» في برلين، صوته مطالباً بزيادة أربعة في المئة وأكثر. وذكر رئيس المعهد غيرت فاغنر، أن المطلوب «إنعاش حركة البيع والشراء في السوق الداخلية، والتخفيف من الارتهان الشديد للصادرات». لكن فولفغانغ فرانتس، رئيس مجلس حكماء الاقتصاد الذي تستشيره الحكومة الألمانية، شدد على ضرورة دفع زيادة لا تتجاوز اثنين في المئة، لافتاً «إلى أن النمو الاقتصادي المنتظر تحقيقه هذا العام لا يسمح بمجال أكبر من ذلك، إضافة إلى ضرورة ترك إمكانية لخلق فرص عمل جديدة». وردّ عليه فاغنر مطالباً أرباب العمل «بأن يُظهروا أخيراً شجاعة ويُقْدموا على هذه الخطوة»، لافتاً إلى أن سياسة الأجور «لم تستغلّ تصاعد الإنتاجية والتضخم كما يجب». وبعد أن اعتبر أن زيادات الأجور التي حصلت العام الفائت كانت متواضعة، قال إن دفع زيادات عالية في ألمانيا «ضروري لإعادة الاستقرار إلى منطقة اليورو». وأعتبر أن الاستقرار «مهدد ليس فقط لأن بعض دولها يعيش فوق إمكاناته من حيث الاستهلاك الزائد، بل وأيضاً لأن ألمانيا تعيش تحت إمكاناتها». لكن رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية هاينريش دريفتمان حذر من المطالبة بزيادات عالية قائلاً إن الزيادات العادية التي دفعت سابقاً «ساهمت بصورة أساسية في إبقاء سوق العمل الألمانية بمعزل عن أزمة اليورو». أما رئيس اتحاد النقابات العمالية «فيردي» فرنك بسيرسكه، فدافع عن المطالبة بزيادة عالية على الأجور، قائلاً إن اتحاده سيطالب سوية مع اتحاد موظفي الدولة بزيادة 6 في المئة هذه السنة، مشيراً «إلى أن هوة الأجور بين القطاع الخاص والقطاع العام تتسع ولا بد من ردمها». وزارة المال وأظهرت بيانات لوزارة المال الألمانية أن إيرادات الضرائب زادت بنسبة 4.7 في المئة في 2012 دافعة أكبر اقتصاد في أوروبا للاقتراب من تحقيق التوازن في الموازنة. وأفادت الوزارة في تقريرها الشهري بأن إيرادات الضرائب قفزت إلى 552 بليون يورو العام الماضي مدعومة بزيادة مقدارها 8.3 في المئة في ضريبة الشركات وزيادة بنسبة 6.7 في المئة في حصيلة ضريبة الدخل. وزادت إيرادات ضريبة المبيعات بنسبة 2.4 في المئة وهو ما يشير إلى قوة في الاقتصاد المحلي.