إذا كان سوق العمل الألماني تمكَّن العام الفائت من مواجهة الأزمة الاقتصادية بنجاح غير متوقع، فإن البطالة ستسجِّل هذه السنة ارتفاعاً ملموساً، إنما موزونٌ بحيث لا تتجاوز 4 ملايين عاطل من العمل. وجاءت الزيادة الحادة في عدد العاطلين من العمل خلال الشهر الأول من السنة، والتي أعلنت الخميس الماضي، لتعكس الأثر السلبي الذي خلَّفه الشتاء القارس الحالي الذي أوقف مئات الآلاف عن العمل في المنشئات العاملة فوق الأرض. وأعلنت الوكالة الاتحادية للعمل أن البطالة في البلاد ارتفعت 342 ألف شخص لتصبح 3 ملايين و617 ألفاً، وازداد معدلها من 7،8 إلى 8،6 في المئة. ارتفعت في الشهر الأخير من العام الماضي بصورة طفيفة عند ثلاثة ملايين و276 ألفاً. وأرجع خبراء السوق عدم تفشي البطالة العام الماضي، على رغم الركود الشديد والانخفاض الكبير في الطلبات، إلى تدبير الدوام الجزئي الذي وافق رجال الأعمال والعمال والحكومة على تطبيقه لتفادي موجة تسريح عارمة في البلاد. وتكفَّلت الدولة بدفع الجزء الأكبر من معاشات وأجور العاملين علماً أن عدد العاملين في الدوام الجزئي بلغ أكثر من مليون شخص. ولأن كل عامل قبل بالتخلي وسطياً عن 50 ساعة عمل في السنة مكَّن ذلك من الحفاظ على مليون وظيفة على حد ما ذكرته الوكالة الاتحادية للعمل. وقال رئيس الوكالة فرانك يورغن فايس إن سوق العمل أظهر صموداً قوياً مطلع السنة على رغم الزيادة العالية التي سجلت لأسباب موسمية معروفة. وذكرت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة حديثاً عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية أنه بسبب نجاح أداة الدوام الجزئي تصاعدت الأصوات من مختلف الأطراف المعنية لمواصلة الاعتماد عليها حفاظاً ليس فقط على باب الرزق، وإنما لتفادي خسارة اليد العاملة المؤهلة بدرجة أولى. وبعد أن سجلت البطالة في ألمانيا وسطياً 3 ملايين و423 ألفاً العام الماضي، بزيادة 155 ألفاً عن عام 2008، تتوقع وكالة العمل الاتحادية أن ترتفع هذه السنة وسطياً إلى 3 ملايين و750 ألفاً. وكلَّف اعتماد الدوام الجزئي الدولة ودافعي الضرائب مبلغاً قياسياً عام 2009 بلغ 13،79 بليون يورو مقابل 12،5 بليون يورو عام 1993. وتمكنت الوكالة الاتحادية للعمل من توفير المبلغ الضخم في صندوق خاص استحدثته خلال الانتعاش الاقتصادي بين عامي 2006 و2008. وسيكون العام الحالي صعباً على الدولة المديونة أصلا، بخاصةٍ أنه لم يبق في الصندوق سوى أقل من ثلاثة بلايين يورو، فيما المطلوب تأمين 18 بليون يورو للمهمة ذاتها. وينتظر أن يبدأ نزاع حول الأجور في القطاع الخاص مطلع الربيع في قطاعي المعادن والأجهزة الكهربائية حيث يعمل نحو 4 ملايين شخص. ولفت اتحاد عمال المعادن إلى «أن تمتين القوة الشرائية في الأزمات، لا غنى عنه ليستمر الاستهلاك ويزداد الطلب على الإنتاج». وقبل بدء مفاوضات الأجور في القطاع العام جدَّد اتحاد الموظفين الألمان واتحاد «فِردي» الممثلَين لنحو مليوني موظف وعامل، مطلب الحصول إضافة خمسة في المئة على الأجور، ما رفضته الدولة ودعت إلى الالتزام بالواقعية والتحسُّس بوضعها المالي. وقالت «مؤسسة هانس بوكلر» القريبة من النقابات العمالية أنه سيكون على ممثلي العمال هذه السنة التفاوض باسم 9،4 مليون عامل وموظف تقريباً في القطاعين الخاص والعام لزيادة أجورهم.