انتشر جنود فرنسيون في مدينة كيدال، آخر معاقل الجماعات الاسلامية المسلحة التي تسيطر منذ نيسان (ابريل) الماضي على شمال مالي، قبل ان يكشف مسؤولون محليون لقاء ضباط فرنسيين الأمين العام ل «حركة ازواد الاسلامية» المنشقة عن جماعة «انصار الدين» القباس اي انتالا ومتمردين طوارق من «الحركة الوطنية لتحرير ازواد» اعلنوا اول من أمس سيطرتهم على كيدال، مع تأكيد رفضهم للإرهاب وتمسكهم ب «حل سلمي» للأزمة. تلت ذلك دعوة باريس باماكو الى «بدء محادثات من دون انتظار مع الممثلين الشرعيين لسكان الشمال (نواب محليين ووممثلي المجتمع المدني) والجماعات المسلحة غير الارهابية التي تعترف بوحدة مالي». ورحب الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، بتبني برلمان مالي اول من امس «خريطة طريق سياسية لمرحلة ما بعد الحرب»، مشدداً على ضرورة «تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية». وتنص وثيقة البرلمان على اجراء محادثات مع جماعات مسلحة في اطار «المصالحة الوطنية». كذلك اكد لاليو ضرورة تنظيم الانتخابات التي حدد الرئيس ديونكوندا تراوري موعدها بحلول 31 تموز (يوليو) المقبل، «في اسرع وقت، مع اكبر مشاركة لجميع الماليين». معروف ان فرنسا لم تصرّ سابقاً، بخلاف الولاياتالمتحدة، على اجراء انتخابات بسرعة، معتبرة ان «اجراءها مستحيل بسبب الانقسام بين الجنوب والشمال». وفيما طالب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الأفارقة بتولي تحرير كيدال، «لأن انتشارنا لا يهدف الى البقاء طويلاَ، وسنرحل سريعاَ»، رجح مسؤولون في كيدال مناقشة الفرنسيين مع المتمردين انتشار جيش مالي في المدينة، وهو ما يرفضه المتمردون خشية ارتكاب تجاوزات في حق عربِ وطوارق متهمين بالتحالف مع الجماعات الاسلامية. وكان مئات من الاشخاص نهبوا اول من أمس متاجر زعموا ان «عرباً وموريتانيين» يملكونها في تمبكتو. وسبق ذلك اتهام الاتحاد الدولي لحقوق الانسان جنوداً ماليين بتنفيذ «اعدامات عشوائية» غرب البلاد ووسطها، بينها اعدام 11 شخصاً على الأقل في سيفاري (وسط). لكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تؤكد اياً من هذه الوقائع. وبعدما تعددت الشهادات عن تدمير مسلحين فارين نحو مئة ألف مخطوطة تاريخية في تمبكتو، اكد م. جيبي، مدير مشروع حفظ المخطوطات في المدينة، انقاذ اكثر من 90 في المئة منها، موضحاً ان القائمين على الوثائق باشروا نقلها الى العاصمة باماكو قبل سنة من وصول الاسلاميين. لكن مراسلين لاحظوا على ارض معهد «احمد بابا» للدراسات العليا والبحوث الاسلامية الذي احرقه الاسلاميون في تمبكتو، رماداً واجزاء محروقة من مخطوطات نادرة مع اغلفتها الجلدية المزينة. على صعيد آخر، اعتبر الرئيس الجنوب افريقي جاكوب زوما ان «الوضع في مالي نتيجة مباشرة للأزمة الليبية» التي رأى ان «تدخل القوى الغربية نسف جهود الوساطات الافريقية فيها». وذكّر بأن الاتحاد الافريقي «تبنى خريطة طريق لمعالجة الوضع الليبي وافق الزعيم السابق معمر القذافي عليها شخصياً، لكن اصحاب السلطة قرروا طرد القذافي». وأضاف: «بعد طرده لم يتواجد اي شخص في القيادة لمنع انتشار الاسلحة. واليوم تعاني من ذلك منطقة الساحل كلها وليس فقط مالي، والوضع خطر جداً».