بعد نحو 3 أسابيع على بدء الحملة العسكرية الفرنسية ضد متشددي تحالف الجماعات الإسلامية في مالي، اكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مجدداً أن «الأمور تمضي كما خطط لها الرئيس فرنسوا هولاند»، لافتاً إلى تحرير هذا البلد «شيئاً فشيئاً بعد طرد المسلحين من مدينتي ديابالي ودوينتزا (وسط) الأسبوع الماضي، ثم دخول مدينتي غاو وتمبكتو (شمال)». وأعلن الجيش الفرنسي أن استعادة حوالى ألف من جنوده، بينهم مظليون، و200 جندي مالي مدينة تمبكتو المصنفة على لائحة الأممالمتحدة للتراث العالمي، «حصلت من دون إطلاق رصاصة، حرصاً على عدم إلحاق أضرار بالكنوز الثقافية والمساجد والأضرحة الدينية». لكن المقاتلين الإسلاميين أحرقوا مباني قبل فرارهم، بينها مكتبة معهد «أحمد بابا» التي تحتوي على أكثر من 20 ألف مخطوطة تاريخية، بعضها يعود إلى القرن الثالث عشر، «ما يجعلها لا تقدّر بثمن». وتتجه المعركة بعد غاو وتمبكتو إلى كيدال، ثالث كبرى مدن شمال مالي المحاذية للحدود مع الجزائر، حيث معقل إسلاميي حركة «أنصار الدين». ويُعتقد بأن قائد الحركة أياد اغ غالي لجأ على غرار الجزائري «أبو زيد»، احد قادة تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» إلى جبال كيدال، ما دفع فابيوس إلى إعلان أن المتمردين «يختبئون الآن تنفيذاً لاستراتيجية المراوغة، قبل أن يظهر بعضهم مجدداً لاحقاً». ولم تحصل بعد أي مواجهات جدية مع الإسلاميين الذين اندحروا بسبب الذعر من غارات المقاتلات الفرنسية. وتتمسك فرنسا بالخروج سريعاً من الخط الأمامي للمواجهات وخفض عدد جنودها البالغ 3 آلاف حالياً، «لأننا لا نريد أن نعلق في مالي»، كما يقول فابيوس، مستدركاً أنها «عبرة استخلصناها من نزاعات، لذا لن نعلق»، في إشارة إلى أفغانستان. ويبحث مؤتمر للمانحين الأفارقة والدوليين في أديس أبابا اليوم تمويل انتشار وحدة الدعم الأفريقية في مالي، وإعادة تنظيم القوات الحكومية في هذا البلد. وحددت قمة دول الاتحاد الأفريقي والتي اختتمت في أديس أبابا أمس، الموازنة المطلوبة للوحدة الإقليمية في مالي ب 460 مليون دولار، سيمول الاتحاد 50 مليونا منها. لكن ديبلوماسيين قدروا احتياجات الوحدة الأفريقية وجيش مالي بنحو 700 مليون دولار، مع احتمال تعديل الرقم في حال رفع عدد القوات من 4 آلاف إلى 5700 عنصر. ووعد الاتحاد الأوروبي بتقديم 50 مليون يورو، فيما كررت بريطانيا أن مساعدتها ستقتصر على الإمداد والتموين والنقل والاستطلاع، وتقديم معلومات استخباراتية، علماً أن مستشار الأمن القومي البريطاني كيم داروتش زار باريس أمس لتقويم الاحتياجات العسكرية الفرنسية. إلى ذلك، أعلنت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنها تحقق في احتمال ضلوع جيش مالي بانتهاكات لحقوق الإنسان عبر إعدام أفراد من الطوارق والعرب، اتهمهم بالتعاون مع المتمردين الإسلاميين في بلدة سيفاري (وسط)، وذلك بعد العثور على جثث في بئر وأماكن أخرى.