أينما مشيتُ يرافقني حجرٌ يسطع أمام عثراتي، يهيئ لي مخابئ الليل ويسند ركبتي حين - من العتمة - يثبُ النباح. حجرٌ رشقَ طفولتي وشق النهر، أهملته في جيب معطف نسيه الشتاء وبأصابع هرمة لمسته الذكرى. حجرٌ في القلب قديم وساخن دفنته بمشقة وكلما هب الهواء ينكشف مثل وشم النار، حجرٌ منغرس في القلب وكل ما أخشاه وحشة حفرته لو نزعته. حجرٌ مثل فص خاتم طفر من الفضة والذهب تاركاً أثره الفاغر لم يندمل. حجرٌ أخذ بيدي حيثما تهت وأظلني في الغفلة، يندس صامتاً في الفضة إن داهمني أحد، حيناً يجرني من ثوبي قبل مصافحة الأيدي فأشك أن كفي ستخرج بيضاء. حجرٌ غامض له ضحك الشجر أضعه أمامي في الضباب عند كل منعطف في كمال الحيرة فيسطع ساخناً يفرك أصابعي ولا يتردد. حجرٌ رافقني وترفق بما تشتهيه يدي. حجرٌ امتص السمّ حين لدغني الغدر. حجرٌ قفز يوم هممت بالعودة وأضاء لظلي كي ينهض. حجرٌ ملعون كشف عن نوايا لم تستوِ وفضح سرها موسومة في الجبين. حجرٌ تشبثتُ به مثل جدار أعمى يمسك بيد النافذة ليعبر الطريق. حجرٌ والغامض الذي أرتجيه. حجرُ الشوق وهو يحرس ويحبس في آن، كعاشقَيْن يتبادلان الثأر للتخفف من صرامة الندم. حجرٌ عميق، غرقهُ صاف وأزرق. حجرُ العشق شمعة السائر بلا ضوء. حجرُ المجاز يمشي وحيداً في الليل رافعاً ياقته ومقتصداً في وقع نعاله. حجرُ الحزن قطعة حية من الموت تختلج في الصدر مثل سمكة تلفظ الهواء. حجرُ الألم شوكة تحرس زهرة الليل. حجرُ الندم محذوفاً في الهواء يحصي خساراته يتشبث بفكرة البئر ويتخيل ارتطامه. حجرُ الدم يشفق على أصابعي من الزجاج يحن على الجرح من شظايا تتطاير آخر الليل، ترياقي لكل سم أبرأ لو حمرة فصه لمحتني في الألم. الياقوت العقيق الفيروز الزمرد اليشب المرجان الكهرمان حجري الذي لا شبيه له يتفلت من بين أصابعي طائش ولا يهرم. 29 ديسمبر 2012