استمرت أمس المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في محيط ميدان التحرير وازدادت ضراوة بعدما سقط قتيل في الميدان فجراً إثر قنصه بطلقة خرطوش، فيما نظمت القوى المعارضة والثورية مسيرات حاشدة أمس إلى قصر الاتحادية الرئاسي تزامناً مع ذكرى «جمعة الغضب» في 28 كانون الثاني (يناير) 2011. وأعلنت قوى ثورية عدة اعتزامها تنظيم تظاهرات الجمعة المقبل، بعدما زاد عدد القتلى في المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في محافظات ومواقع عدة. وانضمت «جبهة الإنقاذ الوطني» إلى الداعين إلى التظاهر، فحضت أنصارها على الاحتشاد في مختلف الميادين «لتأكيد حرمة دماء الشهداء وتحقيق أهداف الثورة وإسقاط الدستور المشوه». واشتعلت منطقة كورنيش النيل وجسر قصر النيل بالمواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، حتى أن مسيرات تضم المئات لم تتمكن من الوصول إلى الجسر لأداء صلاة الغائب على أرواح شهداء الثورة، في تقليد أتبعه الثوار في الذكرى الأولى ل «جمعة الغضب» التي شهدت مقتل عدد كبير على هذا الجسر الرابط بين محافظتي القاهرة والجيزة. وتجمع عشرات على الجسر وأدوا صلاة الغائب في عجالة وعلى وقع أصوات قنابل الغاز المسيل للدموع الذي انتشرت رائحته في أرجاء المنطقة كلها بسبب كثافة إطلاقه على المتظاهرين. وتحولت منطقة كورنيش النيل والجسر إلى ما يشبه ساحة حرب، حيث الحجارة المحطمة المبعثرة غطت الأرض تماماً، فيما آثار الحرائق منتشرة في كل مكان، وبدت نتوءات كثيرة في الأرض نتيجة إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين. وكانت المواجهات اشتعلت مساء أمس بين المتظاهرين والشرطة، فأطلق المتظاهرون بعد مقتل زميلهم الألعاب النارية بكثافة على الشرطة محتمين بحواجز حديد حصلوا عليها من المنشآت المحيطة بالمنطقة، ورشقوا الشرطة بالحجارة بكثافة، كما أطلقوا عشرات من الزجاجات الحارقة على قوات الأمن التي ردت بإطلاق عشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين فغطت سحابة من الغاز المسيل للدموع منطقة وسط القاهرة. واستمرت المواجهات حتى مساء أمس وتوسعت في منطقة كورنيش النيل حتى اقتربت من شارع يؤدي مباشرة إلى السفارة الأميركية، فساد الارتباك صفوف قوات الشرطة المحتشدة أمام السفارة واستنفرت في عجالة لمواجهة المتظاهرين، وأطلقت عشرات من قنابل الغاز صوبهم لتفريقهم. ونصبت قوات الأمن جداراً خرسانياً جديداً في شارع قصر العيني لمنع تدفق المتظاهرين في اتجاه مجلس الشورى الذي بات محاصراً بالجدران من جهات عدة، في أعقاب إعلان قوى المعارضة والحركات الثورية تنظيم مسيرات إلى المجلس الذي كثفت قوات الشرطة من وجودها حوله. وكرر متظاهرون إيقاف حركة سير مترو الأنفاق في محطة السادات في ميدان التحرير، ومحطات أخرى، كما قطع آخرون الطريق الدائري الذي يلتف حول العاصمة، بعدما كان متظاهرون قطعوا جسر 6 أكتوبر الحيوي في القاهرة مساء أول من أمس لساعات. ويلجأ المتظاهرون إلى قطع الطرق تعبيراً عن الاحتجاج والضغط على النظام لتحقيق مطالبهم التي شهدت تصعيداً أخيراً، إذ تخطى ناشطون وحركات ثورية مطالب المعارضة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني وتعديل الدستور وقانون الانتخابات إلى حد إسقاط النظام كله، أو على الأقل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وزار رئيس الوزراء هشام قنديل محيط ميدان التحرير فجر أول من أمس ورافقته قوة أمنية كبيرة، لكنه ظل بعيداً عن موقع المواجهات. وقال بيان لمجلس الوزراء إن قنديل «أشرف على القبض على اثنين من البلطجية كانت معهما أسلحة بيضاء ومبالغ نقدية كبيرة». ودعا قنديل القوى والأحزاب السياسية إلى «رفع الغطاء السياسي عن المخربين وإعلان نبذ العنف وإدانة الاعتداءات على قوات الشرطة والمنشآت الحيوية». وانطلقت مسيرة من حي السيدة زينب قاصدة مجلس الشورى المحاصر بالصخور التي نصبها الجيش لمنع تقدم المتظاهرين، فيما انطلقت مسيرة من مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر إلى قصر الاتحادية الرئاسي ومسيرات أخرى من شبرا والعباسية إلى ميدان التحرير ومنطقة ماسبيرو حيث مقر التلفزيون الرسمي. وفي المحافظات استمرت المواجهات المتقطعة بين الشرطة والمتظاهرين. واندلعت في الإسكندرية مواجهات بين الشرطة ومئات المتظاهرين أمام مبنى المحافظة، وأطلقت الشرطة وابلاً من القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين الذين رشقوا قوات الأمن بالحجارة. وأدى مئات المتظاهرين صلاة الغائب على أرواح قتلى اشتباكات الأيام الماضية أمام مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية. ونظمت قوى عدة مسيرات تجمعت في ساحة «القائد إبراهيم»، وطالب المتظاهرون ب «إسقاط النظام». وفي الشرقية، دارت معارك مساء أول من أمس بعدما كرر متظاهرون محاولة اقتحام مبنى المحافظة، وتبادلت الشرطة والمتظاهرون الرشق بالحجارة، فيما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز على الحشود لتفريقهم، وتكرر الأمر ذاته في مدينة طنطا في الغربية ووقعت اشتباكات أمس بين الشرطة والمتظاهرين أمام مجمع المحاكم في طنطا.