قبل انطلاقها بعشرات الدقائق، انتشر خبر يُفيد ب «تأجيل القمة العربية التنموية»! هذا كان الأسبوع الماضي، والخبر غير صحيح طبعاً. ويوم الثلثاء قبل الماضي تحوّل الحكم على الجيزاوي بالسجن خمسة أعوام و300 جلدة، إلى السجن «3 أعوام» وليس خمسة! واللافت أن أحد من حوله إلى 3 أعوام نقله متأخراً نحو 7 ساعات ووصفه ب «العاجل»! الخطأ في معلومة أو في نقل خبر لا تسلم منه حتى أعرق الصحف الورقية والقنوات الإخبارية في العالم. لكن، في الغالب، لا يتكرر الخطأ ذاته في صحيفتين أو قناتين إخباريتين إلا إذا كان المصدر واحداً. خبرا تأجيل القمة والحكم على الجيزاوي بالسجن 3 أعوام لا 5، تم تداولهما في أكثر من خدمة إخبارية مدفوعة تُقدمها قنوات رسائل قصيرة على الهاتف المحمول. بدا جلياً أن تلك القنوات تناقلت الخطأ ذاته عن بعضها، ولم يُكلف «المرسل» نفسه عناء التأكد من مصدر! أي لم يكلف نفسه الالتزام بقواعد المهنة البسيطة، فليس أسهل من أن تقتات على أخبار غيرك. بمعنى آخر، «السرقة» أسهل من إنتاج المحتوى، وأقل كلفة طبعاً! حسناً، هذه «سرقة محتوى» تختلف قليلاً عما كتبتُ عنه سابقاً. هذه «السرقة» تعتمد على نقل الخبر المشاع. وناقل «المشاع» يظن أنه لا يسرق، لكنه يُعرِّي نفسه فقط - بين زملاء المهنة - حين ينقل خبرين مثل «الحكم على الجيزاوي» و «تأجيل القمة». ألا يستحي هؤلاء؟! ناقل الخبر «المشاع» يوهم المتلقي بأنه مصدره، وذلك نوع من «التضليل». «التضليل الإلكتروني» لا يقف عند هذا الحد، بل يمتد ليطاول صحفاً ورقية وإلكترونية تُمارسه في أشكال وأساليب أخرى. من ذلك التضليل، نشر بعض الصحف الورقية أو الإلكترونية – من دون تحديد، ترتيبها مقارنة بصحف أخرى، معتمدة معياراً بدائياً وحيداً وهو عدد المعجبين في صفحة «فيسبوك» وحيدة، أو عدد المتابعين في حساب «تويتر» وحيداً مثلاً. ولا ضرورة للحديث هنا عن سهولة شراء المعجبين أو المتابعين. وباعتماد هذا المعيار المضلل على سبيل المثال: أول صفحة ل «الحياة» على «فيسبوك»، لا الثانية، تتصدر الترتيب الأول على مستوى عدد المعجبين بالصحف الورقية والإلكترونية السعودية كافة، لكن ذلك لا يعتبر معياراً يكفي للتباهي، بل إن نشره مع إدراج علامات تجارية أخرى في الترتيب الثاني والثالث والرابع... لا يليق. من ذلك التضليل أيضاً، الاكتفاء بنشر قياس التأثير والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حساب وحيد على «تويتر»، أو من خلال صفحة وحيدة على «فيسبوك»، ومقارنتها بحسابات أو صفحات لعلامات تجارية أخرى تملك أكثر من صفحة وأكثر من حساب! إن الاعتماد على إحصاءات مثل «أليكسا»، وهي متاحة للعامة، أو مثل تلك التي تعلن عنها مجلة «فوربس» - الشرق الأوسط (تعتمد على إحصاءات «غوغل أنالتيكس» التي تقدم من الصحف ذاتها)، على رغم ما يشوبهما من شوائب أيضاً، يبقى أكثر احتراماً ورصانة، من محاولات التضليل السابقة الذكر. [email protected]