أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أمس، أن قواتها التي باشرت في 11 الجاري عملية عسكرية في مالي، سيطرت على مطار مدينة غاو (شمال) وجسر «واباري» الذي يقع فوق نهر النيجر بالمدينة ذاتها الخاضعة منذ نيسان (أبريل) الماضي لسيطرة متشددي حركة «التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، أحد أركان تحالف الجماعات الإسلامية المتمردة في الشمال. وفي سانتياغو رفض رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت السبت «منطق الابتزاز» بعد استعداد حركة «التوحيد والجهاد في غرب افريقيا» للتفاوض حول الافراج عن الرهينة الفرنسي الذي تحتجزه. وسئل آيرولت عن هذه المسألة اثناء زيارة يقوم بها لتشيلي فقال «في ما يتعلق بوضع رهائننا، لا تتوقعوا منا ان ندلي بتصريحات علنية يمكن ان تساهم في تعريضهم للخطر. فرنسا ستبذل كل ما في وسعها ليستعيدوا حريتهم» متحدثا عن جميع الفرنسيين المحتجزين في منطقة الساحل. وسئل عما اذا كان يخشى تزايد عمليات «التفاوض-الابتزاز» فقال «اننا لا ندخل في منطق الابتزاز». وتابع «ليست هذه على الاطلاق رؤيتنا للامور، كما انها ليست رؤية الماليين ولا السلطات الافريقية ولا اي دولة اخرى من غرب افريقيا. لا يمكن ان نرضخ للارهاب، والا فاننا على يقين انه هو الذي يخرج رابحا على الدوام». وقال «لا يمكن تصور اي تهاون واي تفاوض بين دولة طموحها ان تكون دولة ديموقراطية وقوى ارهابية». واضاف «يجب ان نعطي مالي القدرة على ممارسة سيادتها كاملة». ويؤكد ذلك تقدّم القوات المالية والفرنسية نحو الشمال، بعد استعادتها بلدات في الوسط، فيما كان لافتاً إعلان «التوحيد والجهاد» استعدادها للتفاوض على إطلاق الرهينة الفرنسي جيلبرتو رودريغيز الذي تحتجزه منذ 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، وقولها «بالنسبة إلى الحرب بين المسلمين في مالي، نستطيع التفاهم حولها»، ما يلمّح إلى انفتاحها على محادثات مع باماكو. ولم يكشف مصدر أمني مالي حصول معارك للسيطرة على الموقعين الإستراتيجيين في غاو، علماً أن المطار يبعد نحو ستة كيلومترات عن شرق المدينة، فيما يقع الجسر عند مدخلها الجنوبي. لكن ضابطاً فرنسياً قال إن «القوات الخاصة تواجه مناوشات من مقاتلين اختلطوا بسكان، لذا الوضع معقد نوعاً ما». وأشارت مصادر أخرى إلى أن «القسم الأكبر من المقاتلين الإسلاميين غادروا غاو إلى أقصى الشمال في الأيام الأخيرة، هرباً من غارات شنتها مقاتلات رافال الفرنسية على معسكرات تدريب وبنى تحتية ومستودعات لوجستية، تشكّل القواعد الخلفية للجماعات الإرهابية». في غضون ذلك، التقى قادة جيوش بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) في أبيدجان لمناقشة تعزيز القوة الأفريقية في مالي التي ستضم 3300 جندياً لمساندة عمليات القوات الفرنسية والمالية في مواجهة الإسلاميين، مع توقّع زيادتهم لاحقاً بقوات من تشاد وبلدان أفريقية أخرى. وكررت فرنسا مطالبة شركائها الغربيين بتعزيز دعمهم اللوجستي لعملياتها في مالي، خصوصاً على صعيد إعادة تزويد طائراتها بوقود. وشكل ذلك أحد مواضيع نقاش اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند. لكن أوباما، الحذر جداً من التدخلات العسكرية لبلاده في الخارج، اكتفى بإبلاغ هولاند التزام واشنطن مؤازرة الجهود الفرنسية لملاحقة الإرهاب في شمال أفريقيا، فيما كشف مسؤول أميركي بأن «واشنطن تدرس طلب باريس تموين طائراتها». أما تومي فيتور، الناطق باسم البيت الأبيض، فقال إن «الولاياتالمتحدة تعمل على تسريع انتشار القوة الأفريقية، وتدريبها وتجهيزها بالعتاد اللازم». من هنا وصف مسؤول فرنسي رفض كشف اسمه سياسة أوباما في مالي بأنها «شبه انعزالية، إذ يعارض التدخّل بشدة، على رغم أن خطراً واضحاً يهدد المصالح الإستراتيجية الأميركية». ويناقش الرئيس الفرنسي أزمة مالي مع نظيره المصري محمد مرسي خلال لقائهما في قصر الإليزيه الجمعة المقبل، علماً أن مرسي حمل أخيراً على التدخّل العسكري الفرنسي في هذا البلد، وقال أمام قادة عرب خلال القمة العربية التنموية - الاجتماعية في الرياض الاثنين الماضي: «لا نوافق أبداً على التدخّل العسكري في مالي لأنه يؤجج الصراع في المنطقة، ونريده سلمياً وتنموياً».