يقول الخبر إن «وزارة الشؤون الاجتماعية، أوقفت مكافآت ثلاثة آلاف معوق متوفى»، البعض حمل على الوزارة، لأنها صرفت مكافآت إلى معوقين متوفين منذ نحو أربع سنوات. حقيقة لم أفهم سبب تلك الحملة التي تتعرض لها الوزارة، وما دوافعها، ولم افهم لماذا نفترض دائماً سوء النية؟ فقد تكون الوزارة وبما أنها تعنى بالشؤون الاجتماعية، وتسعى إلى عمل الخير، إرتأت أن تواصل دفع تلك المكافآت كصدقة عن أرواح المتوفين «رحمهم الله»، وهذه قمة الإنسانية، بل يستحقون الشكر عليها، أو قد تكون إحصاءاتها عن حالات الفقر قد وصلت إلى مرحلة «العدم»، وطالما أنه لم يعد هناك محتاجون؛ فما المانع من التصدق على أرواح تلك الفئة؟ وبخصوص «إيقاف إعانات 22 ألف معوق، لعدم تطابق إعاقاتهم الجسدية مع الإعاقات المدونة في سجلات الوزارة»، كما أوردت الصحف، فأنا أيضاً لا أرى فيها إشكالاً كبيراً، لأن من وجهة نظري «أهم شيء هي النية» وطالما النية كانت دعماً لتلك الفئة، فلا يهم التفاصيل، حفاظاً على خصوصيتهم، حقيقة أنا سعيد لأن في بلدي وزارة لم تكتفِ بالإنفاق على الأحياء، بل امتدت خدماتها الجليلة إلى الأموات أيضاً، بالله عليكم هل سمع أحدكم إخلاصاً في عمله أكثر من ذلك؟ الموضوع أعلاه يحمل أكثر من وجه سلبي، للأسف، فهو من جهة يدل على إهمال وتراخٍ لا محدود من جانب الوزارة، وربما أكثر من ذلك، وهنا لا بد من لجان تقصي وتحقيق، للتوصل إلى حقيقة كل حالة تم رصدها، وتسجيلها، لأنه من الغريب أن في مثل هذه الدوائر أن «يدوخ» المراجع سبع «دوخات»، ليحصل على إعانة تقرها، فكيف يمكن تفسير ذلك؟ هذا من ناحية؛ أما الناحية الأخرى، وهي الأهم من وجهة نظري، فأنا ألقي بنسبة أكبر من اللوم على ذوي المتوفين، الذين كانوا يقبضون المكافأة شهرياً، فهنا يتضح أمانة الشخص وذمته، وللأسف بيننا من يعتقد أن كل هللة بإمكانه استخلاصها من الجهات الحكومية «حلال»، وهذه قمة السذاجة، وحتى «اللصوصية»، إن جاز التعبير، فوزارة الشؤون الاجتماعية قد تهمل، أو تتراخى، وقد نجد لما حدث أكثر من تفسير وتسمية، لكن ما الذي يمكن أن نقوله عمن يتسلم مكافأة متوفى، وهو يعلم أنها سرقة في وضح النهار؟ لا يجيزها دين، أو مذهب، أو عقل. برأي من كان يتلقى تلك المعونات بصمت، ويشعر بسعادة، وهو يعلم أنها سرقة واستحواذ على أموال بغير وجه حق، يستحق أن يتعرض إلى أقسى أنواع العقوبة، فما الفرق بينه وبين أي لص آخر؟ أقولها وأشدد أن ما قام به أولئك لا يقل عن أية جريمة سرقة يتم ارتكابها، بل أنها أقسى، لكونها تُتاجر بذمة شخص متوفى، لم يحترمه ذووه بعد مماته من جهة، وتسعى إلى سرقة مال عام، كان من الممكن أن يُفيد محتاجاً آخر. ثقافة تحليل سرقة المال العام لا تقف فقط عند مستفيدي وزارة الشؤون الاجتماعية، بل تتعداها إلى مُعظم الدوائر التي تعمل في أُطر مشابهة، وأعلم مثلما يعلم الكثيرون، أن هناك من يزور أوراقاً لاستمرار إعانات، أو قروض، أو رواتب، وفي ذلك أيضاً قصور من جانب تلك الجهات، من خلال بعض الشروط التعجيزية، التي تدفع البعض إلى القيام ب «فبركة» أوراق، لضمان استيفاء تلك الشروط. لذلك، وأمام تلك الإشكالات التي وقعت، وما ستؤول إليه من تداعيات، يتضح مدى الحاجة إلى مراجعة الجهات الخدمية كافة، لآلية عملها، لضمان تطبيق الأنظمة من دون وقوع أية أخطاء، أو «فضائح»، مثلما حصل مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وبالمثل أيضاً هناك حاجة أكثر إلحاحاً، لتغليظ القوانين على أولئك الذين يتعمدون خداع أية دائرة حكومية، لاستنزافها بأموال أو خدمات هم من غير مستحقيها، بل ولا أرى ما يمنع التشهير فيهم، بعد استعادة ما أخذوه من «سحت»، لأنهم باختصار، ومهما بلغت حاجتهم... فهم للأسف «حرامية». [email protected]