لم تطأ قدما أحمد الخلف (23 سنة) أرض وطنه سورية قبل الحرب، إلا انه، كما العديد من السوريين، يأمل في سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وقد اختار من أجل هذه المعركة، الكلمات والموسيقى بدلاً من الرصاص. ومن أنطاكيا التركية، يعزف أحمد ويغني «الراب» شاجباً الحرب ومطالباً بالتغيير، ويقول: «أنا موسيقي راب منذ سبع سنوات، لطالما نقلت الواقع عبر الموسيقى، وهي وسيلتي لنقل الرسالة». كان الشاب ذو القامة الطويلة والعينين الزرقاوين، يقطن في لندن حتى وقت قريب واحتفظ منها بلكنة ظاهرة. في كلمات أغانيه، يشجب عنف النظام السوري و «العالم الذي لم يتحرك» لوضع نهاية لهذا الصراع الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف. وغادر والد أحمد، وهو معارض قديم للنظام السوري، البلاد في الثمانينات، وولد ابنه في العراق قبل 23 سنة، ثم انتقل الى هولندا حيث حصل على الجنسية، ومنها سافر إلى بريطانيا. واكتشف أحمد ولعه بموسيقى «الراب» في بريطانيا، حيث أحيا حفلات موسيقية في نواد ليلية وولّف اسطوانتين لم تعرفا انتشاراً، حتى استقر أخيراً في انطاكيا التي يدخل منها الى سورية في شكل منتظم، بحثاً عن إلهام لنصوصه في بلد لم يعش فيه قط: «عندما دخلت سورية، لم أشعر بأنني غريب، أحسست بأنني واحد من الناس، ترعرعت معهم، لأننا نفكر بالطريقة نفسها ونؤمن بالأشياء ذاتها». ويتابع الشاب الذي ظنّه سوريون في البداية أجنبياً: «عندما سمعوني أتكلم العربية عرفوا أنني منهم». والحال إن اتقانه للغتين العربية والانكليزية مكّنه من العمل مع مجموعات من قنوات تلفزيونية بريطانية وأميركية، يرافقها كمترجم لكسب بعض المال، فيما يزداد رغبة في مواصلة العزف وكتابة الأغاني كلما دخل سورية، خصوصاً المنطقة الشمالية على الحدود مع تركيا، حيث يقتل كثيرون يومياً بالقصف والغارات الجوية. وتجد موسيقى «الراب» في سورية أرضاً خصبة، إذ يختار العديد من الموسيقيين هذا النمط للتعبير عن آرائهم في النزاع الذي يمزق البلاد منذ 22 شهراً. وكما في العديد من البلدان العربية الأخرى، تستقطب هذه الموسيقى الشباب أكثر فأكثر. ويأمل أحمد، من خلال أغانيه، أن يثير اهتماماً دولياً بالحرب في بلاده، حيث تحولت حركة احتجاجية قام بها متظاهرون سلميون إلى صراع دامٍ، ويقول: «من غير المعقول أن يستمر ذلك سنتين... أنظر حولي فلا أرى سوى وجوه تائهة ودموع».