لدى رجال الأعمال في دافوس أسباب شتى تدعو للقلق، من بينها أزمة منطقة اليورو والتوترات السياسية العالمية، لكن لبّ المشكلة التي يواجهونها بسيط وهو كيف يجدون إيرادات جديدة في عالم بطيء النمو. فبعد نحو خمس سنوات من الأزمة المالية يريد المستثمرون أن يروا أرباحاً تأتي من بنود أخرى غير خفض النفقات. ويركزون الآن على العودة إلى تعزيز المبيعات وهي مسألة تمثل لأكبر الشركات في العالم تحدياً قيمته خمسة تريليونات دولار. فهذه هي قيمة الإيرادات الإضافية التي يتعين على أكبر 1200 شركة عالمية إيجادها سنوياً للارتقاء إلى مستوى توقعات المحللين وفقاً لتقديرات شركة «أكسنتشر» للاستشارات. وقال رئيس الاستراتيجيات لدى «أكسنتشر» مارك سبلمان: «المشكلة هي أن توقعات أسواق الأسهم لقدرة الشركات على النمو تتجاوز بكثير معدلات النمو الكامنة للاقتصاد الكلي. لذلك ينبغي أن تفكر الشركات بما هو أبعد من الأسواق الناشئة والطبقات الوسطى المتنامية وأن تبدأ بدراسة الشرائح التي ترى فيها تغيراً استهلاكياً كبيراً، لأن هناك كثيراً من النمو الكامن في تلك الشرائح». وتعمل الشركات في شكل متزايد على إيجاد فرص محددة لنمو المبيعات. غير أنها ما زالت متحفظة في شأن ضخ استثمارات كبرى جديدة، إذ إن ثقة المديرين في مستقبل شركاتهم في الأجل القريب ما زالت ضعيفة. ووجد المسح السنوي لشركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» الذي شمل أكثر من 1300 رئيس تنفيذي في أنحاء العالم، أن 36 في المئة فقط «واثقون جداً» من توقعات نمو إيرادات شركاتهم في الأشهر الاثني عشر المقبلة، انخفاضاً من 40 في المئة قبل عام. ويوجد فارق هائل بين التباطؤ الذي يتوقعه خبراء الاقتصاد الكلي في السوق العالمية للسلع والخدمات وبين الأرقام المرتفعة التي يتوقعها المحللون الذين يتابعون الشركات. وفي كل مناطق العالم تتجاوز توقعات المحللين لنمو إيرادات الشركات التوقعات السائدة لأداء الاقتصاد الكلي بكثير. ففي حين خفض البنك الدولي الأسبوع الماضي توقعه للنمو العالمي في 2013 إلى 2.4 في المئة ولمعدل النمو في الاقتصادات المتقدمة إلى 1.3 في المئة، يتوقع محللون استطلعت مؤسسة «تومسون رويترز» آراءهم أن تنمو إيرادات الشركات 7.8 في المئة في آسيا باستثناء اليابان و3.8 في المئة في الولاياتالمتحدة و2.4 في المئة في منطقة اليورو. وقد تكون عمليات الاندماج والاستحواذ من بين الوسائل المتاحة للشركات لتحقيق النمو، لكن رؤساء الشركات ما زالوا يحجمون عن القيام بصفقات كبيرة على رغم وجود الائتمان الرخيص والتقويمات المنخفضة نسبياً. بل إن تركيز رؤساء الشركات على عمليات الاندماج والاستحواذ عند أدنى مستوياته في ست سنوات، وفقاً للمسح الذي أجرته «برايس ووتر هاوس كوبرز». ومن النواحي المهمة التي تركز عليها الشركات الآن إيجاد وسائل ذكية لخدمة قطاعات من أسواقها الحالية مع وضع رهانات انتقائية على فرص جديدة. وبالنسبة إلى كثيرين، يعني ذلك استخدام التكنولوجيا الرقمية لمواكبة التغيرات في كيفية شراء المستهلكين للسلع والخدمات وهو ما يتضمن تخصيص مزيد من الموارد للمبيعات عبر الإنترنت وزيادة استخدام أدوات جديدة لتحليل السلوك الاستهلاكي. لكن الفرص الجديدة تأتي في صور عدة. فشركات المنتجات الفاخرة مثلاً تبذل جهوداً كبيرة لتوسعة شبكات التجزئة، خصوصاً في أسواق النمو بينما تسعى شركات في قطاعات عدة لعقود خدمات جديدة تدر أرباحاً لسنوات. والجغرافيا عامل مهم أيضاً للمديرين في سعيهم لتحقيق مبيعات جديدة. فقد أصبحت أميركا اللاتينية هدفاً رئيساً للشركات الاسبانية التي تواجه ظروفاً قاسية في سوقها المحلية نظراً إلى ميزة اللغة وهو ما استفادت منه شركات مثل شركة الاتصالات العملاقة «تليفونيكا».