يحبس المصريون أنفاسهم تحسباً لما قد تؤول إليه جلسة مفصلية في محاكمة المتهمين في قضية «مذبحة بورسعيد» التي أودت بحياة 74 قتيلاً وأسقطت عشرات الجرحى خلال مباراة لكرة القدم بين ناديي المصري البورسعيدي والأهلي، وسط تصاعد المخاوف من أعمال عنف ترافق الجلسة التي تأتي غداة تظاهرات الذكرى الثانية للثورة. وكانت جلسة السبت مخصصة للنطق بالحكم في حق 73 متهماً بينهم قيادات أمنية، لكن النائب العام طلعت عبدالله قدم مساء أول من أمس مذكرة إلى محكمة الجنايات لإعادة فتح باب المرافعات مجدداً «بعدما تلقى أدلة جديدة»، ما أثار تساؤلات عما إذا كان الهدف من الخطوة «تهدئة الأجواء» المحتقنة. لكن المؤكد أن طلب عبدالله لا يعني عدم انعقاد جلسة المحاكمة في موعدها، إذ سيكون من حق رئيس المحكمة البت في طلب النائب العام سواء بقبوله ومن ثم إحالة الأدلة الجديدة على النيابة للتحقيق فيها أو انتداب قاضي تحقيق، أو رفض الطلب وإصدار الأحكام في القضية. وقالت مصادر قضائية أن محكمة الجنايات «هي وحدها صاحبة الحق في قبول أو رفض طلب إعادة فتح باب المرافعة في القضية». وأوضحت المصادر ل «الحياة» أن «قرار المحكمة سيعتمد بالأساس على مدى قوة الأسباب التي أوردتها النيابة»، لكنها لفتت إلى أنه «في غالبية الاحيان يقضي القضاء بقبول طلب النيابة». ونفت مصادر قريبة من النائب العام أن يكون قراره سياسياً لامتصاص زخم التظاهرات. وقال الناطق باسم النيابة العامة إن «هذا الإجراء جاء في ضوء التحقيقات المكثفة التي تباشرها نيابة حماية الثورة وما تكشف لها من وقائع جديدة تتعلق بملابسات وقوع مجزرة ستاد بورسعيد». غير أنه لم يوضح طبيعة هذه الوقائع، أو المدى الزمني المطلوب للانتهاء من التحقيق فيها، مشيراً إلى أن «النيابة العامة أولت اهتماماً خاصاً بالجانب المتعلق بالوقائع في مجزرة ستاد بورسعيد منذ تسلمت تقرير لجنة تقصي الحقائق وبدأت تحقيقات عاجلة في شأنها، تم خلالها التوصل إلى بعض الأمور والوقائع الجديدة المتعلقة بالقضية، على نحو ارتأى معه النائب العام إرسال مذكرة لإعادة فتح باب المرافعة في القضية، حتى يتسنى للنيابة العامة التدقيق في هذه الوقائع الجديدة والانتهاء منها بصورة وافية، وتقديمها إلى المحكمة». وتعود مذبحة بورسعيد إلى مطلع شباط (فبراير) العام الماضي، وتعتبر من بين أسوأ الكوارث التي شهدتها الساحة الرياضية المصرية، اذ أدت إلى سقوط 74 قتيلاً إلى جانب 254 مصاباً، ووجه القضاء اتهامات إلى 73 شخصاً، بينهم 9 من القيادات الأمنية وعدد من المسؤولين الرياضيين ومجموعة من مشجعي النادي المصري البورسعيدي. ويقع قضاة المحكمة التي تنظر في القضية تحت ضغوط شديدة، لا سيما بعدما استبقت روابط مشجعي الناديين المصري والاهلي الحكم بالتلويح بالعنف، فمشجعو الأهلي لا يقبلون سوى ب «القصاص لدماء زملائهم»، فيما يرى مشجعو المصري أن «غبناً وقع في حقهم»، ويرفضون في شدة حضور المتهمين إلى القاهرة خوفاً من تعرضهم للاعتداء من قبل مشجعي الأهلي. غير أن مصادر قضائية رفضت في شدة الربط بين طلب النائب العام إعادة المرافعات والتلويح بالعنف من الجانبين. وأكدت ل «الحياة» أن «الاعتبار الوحيد للنيابة هو تحقيق العدالة الكاملة، خصوصاً أن وقائع جديدة في القضية أصبحت مطروحة على جهات القضاء، وحتى لا يصدر حكم بمعزل عن هذه الوقائع». وكانت روابط مشجعي النادي المصري أعلنت وصولها إلى القاهرة الجمعة انتظاراً لحضور جلسة المحاكمة الأمر الذي يهدد باشتعال مواجهات مع مشجعي النادي الأهلي الذين أعلنوا الاحتشاد أمام ساحة المحكمة. وطوقت مساء أول من أمس روابط مشجعي المصري السجن العمومي في بورسعيد حيث يقبع المتهمون بعد إشاعات عن نقلهم إلى القاهرة. وكان وزير الداخلية أبدى تخوفه من أعمال عنف في هذا اليوم. وأعلن أنه ينسق مع وزارة العدل لاتخاذ قرار بعدم نقل المتهمين في القضية إلى القاهرة، على أن يستمعوا إلى قرار المحكمة في محبسهم في بورسعيد عبر التلفزيون. وشهد محيط سجن بورسعيد وجوداً أمنياً مكثفاً، إذ دفعت الشرطة بمركبات مكافحة الشغب وحافلات نقل الجنود خارج أسوار السجن ونشرت متاريس أسمنتية، كما أغلقت جميع الشوارع الجانبية المؤدية إلى السجن.