علمت «الحياة» أن الوزراء والنواب عن محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين فشلوا في الحصول على دعم رجل الدين السني عبد الملك السعدي في المفاوضات التي يجرونها مع كتلة «التحالف الوطني» (الشيعية) حول مطالب المتظاهرين المناهضة للحكومة. وأعلن السعدي رفضه لقاء أي سياسي أو برلماني. يذكر أن المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني يرفض استقبال أي سياسي منذ أكثر من سنتين. إلى ذلك، فشل اجتماع اللجنة النيابية المختصة بالنظر في مطالب المتظاهرين في الخروج بنتائج إيجابية أمس بعد مقاطعة كتلة «العراقية» الاجتماع، متهمة أطرافاً في كتلة «التحالف الوطني» بالمماطلة وتقديم «أنصاف الحلول». وأفاد مصدر موثوق به في مكتب السعدي في اتصال مع «الحياة» من عمان، أن «تصريحات بعض السياسيين حول تخلي الشيخ السعدي عن التظاهرات عار عن الصحة»، ولفت إلى أنه «موجود في الأردن من أجل العلاج ولكن هناك ممثلون عنه وعلى رأسهم نجله الموجود في الأنبار». ولفت المصدر إلى أن «الشيخ السعدي أبلغ صراحة إلى وسطاء عدد من السياسيين والوزراء عن محافظة الأنبار وباقي المدن التي تجري فيها تظاهرات مناهضة لسياسات الحكومة عدم تأييده لهم في مفاوضاتهم حول مطالب المتظاهرين»، واكد ضرورة أن «تنبثق لجان شعبية من المتظاهرين للتفاوض مع الحكومة». ويلاحظ غياب عدد من نواب ووزراء محافظة الأنبار عن التظاهرات الجارية منذ أربعة أسابيع، وتفيد أنباء أن رجال دين في المدينة منعوا السياسيين من المشاركة في الاحتجاجات. وعن بيان السعدي المتضمن رفضه لقاء سياسيين، أوضح المصدر أن «مكتب الشيخ تلقى عشرات الطلبات للقائه، بينها طلبات مسؤولين كبار عن كتلة التحالف الوطني وآخرين عن كتلة «العراقية»، لكنه رفض لقاء أي سياسي». وأعلن مكتب السعدي في بيان: «لوحظَ في هذه الأيام تزايد طلبات عدد من السياسيين في الحكومة وعدد من أعضاء مجلس النواب لمقابلة سماحة الشيخ في مكتبه الخاص». لكنه اعتذر عن عدم استقبال أي سياسي في الحكومة وأي عضو في البرلمان، ويرفض اللقاء المنفرد بأيِ واحد من هؤلاء الراغبين في مقابلته ويحيلهم على ساحات الاعتصام في كل أنحاء العراق ليلتقوا المتظاهرين المعتصمين المطالبين بالحق العراقي المشروع». وكان السعدي المعروف بلقب مفتي أهل السنة في العراق وصل الأنبار في مطلع الشهر الجاري إلى الأنبار قادماً من مقر إقامته في الأردن، وألقى كلمة في المتظاهرين دعاهم فيها إلى وحدة الكلمة وعدم تفريق الصفوف وعدم رفع شعارات لا تليق بهم، محملاً الحكومة مسؤولية لجوء المواطنين إلى التظاهر. ويعد السعدي ثاني مرجع ديني عراقي يرفض لقاء السياسيين العراقيين بعد السيستاني، الذي اتخذ قراراً منذ سنتين بعدم استقبال أي منهم. وشهدت الموصل امس عصياناً مدنياً تمثل بإغلاق المحلات التجارية والمؤسسات الحكومة ليوم واحد تلبية لدعوة من اللجنة الشعبية لمتظاهري المدينة، فيما بدأ أهالي قضاء الحويجة في محافظة كركوك اعتصاماً مفتوحاً تضامناً مع المتظاهرين في الأنبار وصلاح الدين. واتهم محافظ الموصل أثيل النجيفي في اتصال مع «الحياة» امس، «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، ب «تسويف مطالب المتظاهرين الخاصة بإعادة محاكمة المعتقلين في المدينة». وأضاف النجيفي أن «المعلومات التي وردتنا من بغداد تفيد بأن «دولة القانون» رفض وضع صيغة لإلغاء أو تعديل قانون المساءلة والعدالة، ووافق على أن تكون هناك استثناءات»، وأوضح أن «هذه الاستثناءات للأسف استخدمها الائتلاف لصالحه». وأعلن مجلس محافظة الموصل امس في بيان، أن «اجتماعاً عقد اليوم (امس) بحضور أعضاء من مجلس المحافظة والمحافظ وممثلين عن المتظاهرين لمناقشة مطالبهم ومدى استجابة الحكومة لها». وأوضح البيان أن الاجتماع خرج بنتائج أبرزها أن «مجلس المحافظة يؤيد المطالب والحكومة لم ترسل أي ممثل عنها إلى المدينة». في الأنبار قال شيخ عشائر الباقريين في الفلوجة محمد البجاري في اتصال مع «الحياة»، إنه «سيتم فتح ساحات جديدة للاعتصامات خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال إن «صبر المتظاهرين بدأ بالنفاد، ونحذر الحكومة من وصول سقف مطالبهم إلى إسقاطها». وعن اللجان التي شكلتها الحكومة والبرلمان لتلبية مطالب المتظاهرين، قال إن «هذه اللجان غير فاعلة، وتعبّر عن مكون واحد، ولم يأت أي ممثل عنها إلى ساحات الاعتصام». وأشار إلى أن القرارات الأخيرة التي صدرت عن هذه اللجان «شكلية، من أجل المماطلة، فالحكومة أعلنت إطلاق 300 معتقل، لكن وردتنا أنباء اعتقال أمثالهم في عمليات أمنية». إلى ذلك، قال نائب رئيس الجمهورية المحكوم بالإعدام طارق الهاشمي، إن «لا مجال لإصلاح العراق والتأسيس لنظام حكم رشيد إلا برحيل رئيس الوزراء نوري المالكي وإقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود». ووصف الهاشمي في بيان المالكي بأنه «مخادع والمحمود جعل القضاء تابعاً للمالكي»، وأشار إلى «صدور حكم جديد من المحكمة الجنائية المركزية يقضي بإعدام سهيل كريم» (أحد أفراد حمايته). ولفت إلى أن «الحكم صدر في خضم الاحتجاجات التي يشهدها العراق للمطالبة بوقف الظلم والعمل على إصلاح القضاء»، واعتُبر «بمثابة دليل جديد يسوقه المالكي بنفسه على رفضه القاطع استجابة مطالب المنتفضين».