أثارت المساعدة التي قدمتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لفريق فيلم «زيرو دارك ثيرتي» الذي يتناول أحداث مطاردة أسامة بن لادن، مجدداً، الجدل حول التاريخ الطويل للعلاقات بين البنتاغون وهوليوود والتي يُشتبه في أنها تؤدي دوراً ترويجياً للجيش الأميركي. وتواجه وزارة الدفاع الأميركية، في سعيها إلى الدعاية لأبرز إنجاز حققته الإدارة الحالية، اتهامات من جمهوريين بأنها كشفت بعض أسرار الدولة للمخرجة كاثرين بيغلو، كما اتهم جمهوريون البنتاغون باستخدام هوليوود وسيلة للدعاية. لكن فيل ستراب، رئيس الخلية المكلفة العلاقات مع صناعة السينما، أكد أن الفيلم لم يحظ بتعاون من وزارة الدفاع، باستثناء لقاء استمر 45 دقيقة بين المخرجة وكاتب السيناريو ومسؤول المهمات الخاصة في البنتاغون مايكل فيكرز، من أجل تقديم «عرض عام». وفي المقابل، يحظى العديد من الأفلام والمسلسلات المنتجة سنوياً بتعاون أكبر. ولعله ليس سراً ولا جديداً أن يلجأ أي مخرج يريد خفض الكلفة، وإضفاء صدقية على فيلم فيه عسكريون، إلى وزارة الدفاع. فهذا النمط سارٍ منذ عشرينات القرن الماضي، ومن بين الأمثلة الأبرز فيلم «وينغز» الذي نال جوائز أوسكار. وأوضح ستراب: «نطلب من المخرج إرسال السيناريو وما يتوقعه منا». وفي غالبية الأحيان، يأخذ الدعم شكلاً تقنياً لإضفاء صدقية على شخصية عسكرية أو عمل عسكري، وأيضاً لاستصدار إذن بالدخول إلى منشآت عسكرية أو استخدام دبابات أو طائرات أو سفن ستظهر في الفيلم. لكن، لكل شيء ثمنه. فكل المعدات التي تستخدم تكون مستأجرة، كما أن البنتاغون يشترط، خصوصاً، منحه حق الاطلاع على السيناريو. ويبرر فينس اوجيلفي، مساعد ستراب، ذلك بالقول: «نريد أن يؤدي الممثلون دور العسكريين بالشكل الذي نريد لهم أن يتصرفوا فيه». ومن غير الوارد إطلاقاً، على ما يبدو، أن يتعاون البنتاغون في فيلم يظهر مدرّباً عسكرياً عنيفاً كما في فيلم «فول ميتال جاكت»، أو يبرز جندياً متهوراً كما في فيلم «ذي هيرت لوكر» لبيغلو، والذي حصد جوائز أوسكار. ومطالبة البنتاغون بحق الاطلاع على السيناريو، تؤجج الانتقادات على ما يعتبر رقابة، أو أقله تأثيراً لا داعي له على الإخراج، لا سيما ما أورده ديفيد روب في كتابه «أوبريشن (عملية) هوليوود». وفي الكتاب، يرد نقد للمخرج أوليفر ستون الذي رفض البنتاغون مساعدته في فيلمي «بلاتون» و «بورن أون ذي فورث أوف جولاي» حول الحرب في فيتنام، إذ يقول: «يستغلوننا لأنهم يريدون أن نعتمد وجهة نظرهم، وغالبية الأفلام عن الجيش هي ملصقات دعائية للتجنيد». في المقابل، استفاد المخرج جيري براكهايمر من مساعدة البنتاغون في أفلامه «بيرل هاربر» و «بلاك هوك داون» و«توب غان». أما ستراب، فيحافظ على هدوئه إزاء الانتقادات، ويقول: «لن أدّعي أننا لا نحاول أن نظهر العسكريين في الشكل الذي نعتقد أنهم عليه في الحقيقة». إلا أنه ينفي محاولة التأثير في المخرجين الهوليووديين، ويبتسم قائلاً: «هذه مزحة»، خصوصاً أن هذه الصناعة متمسكة بحرّية التعبير. وعن خيار التعاون في أفلام حول أبطال خارقين أو غزوات لكائنات فضائية، يشير ستراب إلى تطور صناعة السينما قائلاً: «نأخذ ما يعرض علينا، فأفلام مثل ترانسفورمرز وسوبرمان تطاول جمهوراً عريضاً وشاباً»، وهو ما يسعى إليه البنتاغون تماماً.