يعمل عدد من الفنانين المصريين على توثيق وقائع ثورة 25 يناير بالوسائل السمعية والبصرية، ورصد يومياتها وزخمها والتقاط مفرداتها وتحولاتها. وتعتبر تجربة مركز التوثيق التراثي الحضاري التابع لمكتبة الإسكندرية، الأكثر إلماماً وشمولية، كونها نتاج عمل باحثين وتقنيين متخصصين في مجال جمع المعلومات والتأكد من صحتها عبر أكثر من مصدر، وتتوزع الأعمال بين صور وفيديو وكتب، وشهادات من عاشوا الحدث كما يقول الدكتور ياسر الشايب. ويضيف: «ثمة علم اسمه التوثيق، ولدينا من الباحثين والكوادر البشرية ما يؤهلنا للقيام بتلك المهمة الشاقة، خصوصاً أن بعضهم كان موجوداً في أماكن تفجر الثورة، لا سيما في ميدان التحرير وحوله، كما استعنا ببعض الصور وتسجيلات الفيديو من نشطاء سياسيين وشباب الثورة». وبعد جهد كبير، وتضافر خبرات، عُرضت بانوراما الثورة على شاشة كبيرة نال عنها المركز براءة الاختراع من أكاديمية البحث العلمي. وقسّم العرض إلى شاشات يتم التحكم بها وتشغيلها من طريق «ريموت كونترول» في يد الشايب الذي يتنقل من واحدة إلى أخرى أو يفتح أكثر من شاشة في الوقت ذاته شارحاً يوميات الثورة من يوم 25 يناير (2011) إلى يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 شباط (فبراير) من العام ذاته. ويتوقف الشايب عند بعض الصور التي صارت من أيقونات الثورة، مثل العمل الذي يصوِّر شاباً يقف بكل تحدٍ أمام عربة الشرطة المصفحة، أو فيديو السيارة التي دهست البعض في شارع قصر العيني ولم تتضح هويتها حتى الآن. وتضمنت البانوراما مشاهد من موقعة الجمل، وظهور المستشفى الميداني في الثاني من شباط والذي شهد تحولاً في طرح الشعارات من الشعب يريد إسقاط النظام أو الرئيس، إلى الشعب يريد محاكمة الرئيس. وسبق يوم التنحي، حركة عارمة في ميدان التحرير والسويس والإسكندرية وغيرها من المدن. في التحرير متطوعون ولجان شعبية لتأمين الدخول والخروج. جدار الشهداء ركن الصحافة. فرقة «إسكندريللا» تغني والممثل عمرو واكد يتحدث إلى الناس يطمئنهم قائلاً: «الثوار هنا يعبرون عن غضبهم بشكل راقٍ ومتحضر». كما يرصد فيديو تحرك الشباب بعد منتصف الليل في اتجاه قصر الرئاسة، ووصولهم إليه فجراً، في ظل تخوف من تدخل قوات الحرس الجمهوري، إلى أن أعلن عمر سليمان تنحي مبارك عن رئاسة مصر، ما فجّر ميدان التحرير بفرحة غامرة، فانطلقت السيارات في شوارع القاهرة مطلقة العنان لأبواقها، ورفع الثوار الأعلام ابتهاجاً، فيما نسمع في خلفية الفيديو أغنية «صفحة جديدة» لإسكندريللا. مدة العرض التفاعلي 45 دقيقة، وسيقدّم على مدى أربعة أيام حتى 23 شباط المقبل. وفي حفلة الافتتاح، قالت الدكتورة كاميليا صبحي رئيسة المركز القومي للترجمة الذي احتضن الاحتفالية: «هناك جهات تولت توثيق يوميات وأحداث الثورة وأحلم بأن يكون هناك مشروع وطني لإقامة متحف على طراز عالمي، يضم كل ما يتعلق بالثورة، وهذه مجرد مبادرة أتمنى أن تتحقق في المستقبل القريب». فيما رأى الدكتور حازم عبداللطيف مدير مشروع بعثات الطلاب، «أن التوثيق الذي قام به باحثو الاتحاد الأوروبي، كان أكثر عمقاً وشمولاً». وحاولت الجامعة الأميركية ومؤسسة المورد الثقافي، توثيق الثورة، فأصدرتا كتاب «25 يناير» الذي يضم 25 شعاراً و25 صورة كاريكاتيرية مع أسطوانة فيها 25 أغنية عن الثورة لرامي عصام وفرقة «إسكندريللا» وآخرين.