ساهمت التظاهرات الأخيرة في العراق في فتح ملفات غابت تماماً عن الأجندة الحكومية، منها إعادة إحياء مدن عراقية أدت الحروب إلى تهجير كل سكانها ولم يبق منها سوى أطلال. وأكد أحد سكان ناحية جصان الحدودية التابعة لمحافظة واسط محمد هادي الجصاني في تصريح إلى «الحياة» أن «مطالبات المتظاهرين في محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين وبغداد، أعادت إحياء ملفات قديمة منها حق مواطني مدن عراقية تضررت في حروب النظام السابق بتعويضات عن دورهم المهدمة». وأوضحت عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة البجاري، أن «ملف إعادة تأهيل المدن المهجورة سيُقدّم على شكل دراسة متكاملة لرئاسة البرلمان بهدف تخصيص أموال ضمن قانون الموازنة الفيديرالية تضاف إلى تخصيصات تنمية الأقاليم، فمن حق سكان هذه المدن المطالبة بتعويضات، ومنها استعادة مدينتهم». ولفت مسؤول الدائرة الإنسانية في وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ستار نوروز إلى أن هذا الملف يقع ضمن نطاق مهام وزارته، إلا أن إعادة الحياة إلى هذه المدن يحتاج موازنة ضخمة جداً لا تستطيع وزارة الهجرة تأمينها حالياً». وأضاف: «وضعت الوزارة جدولاً للمدن بحسب الأهمية التي كانت تشغلها سابقاً، وسيكون العمل تدريجياً يبدأ بناحية زرباطية، تتبعها مدن في محافظة البصرة وميسان وذي قار وديالى وصولاً إلى مدن في إقليم كردستان، ثم القرى المهجورة». وكادت مدينة زرباطية أن تختفي عن الخريطة العراقية كما 21 ألف مدينة وقرية حدودية هجرها سكانها في شكل كامل خلال الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي بعدما أصبحت ضمن نطاق ساحة الحرب. وقال المدير العام لشؤون الفروع في وزارة الهجرة محمد صفو، إن «وفداً رسمياً من الوزارة زار منطقة زرباطية الحدودية حيث تم توزيع سندات الدور المنخفضة الكلفة، أي البيوت الاقتصادية والبالغ عددها 48، على المواطنين العائدين إلى المدينة»، مؤكداً أن «الملاكات الهندسية مستمرة ببناء دور أخرى ستوزع على مجموعة من سكان المدينة حتى إعادة جميع سكانها». وشدّد على أن وزارته خاطبت الأمانة العامة لمجلس الوزراء لحض الوزارات المعنية على مضاعفة جهودها لإكمال عملية تأهيل البنية التحتية للمدينة، إلى جانب تقديم مساعدات نقدية قيمتها 500 ألف دينار (430 دولاراً) لكل عائلة، وتوزيع مساعدات عينية ومواد منزلية للعائلات العائدة. وعن ملف المهجرين إلى إيران، قال نوروز: عدد المهجرين قسراً إلى إيران تجاوز 50 ألف نسمة ينقسمون إلى فئتين، الأولى اندمجت بالمجتمع الإيراني والأخرى ما زالت تعيش في مخيمات، والوزارة تسعى إلى إغلاق هذه المخيمات نهائياً ولكن ليس قسراً. وأشار إلى أن «عدداً كبيراً منهم يرفض العودة إلى العراق لأسباب اقتصادية واجتماعية، لذلك فضلنا تقديم مساعدات مادية لهم وحض الآخرين على العودة عبر استخراج أوراق ثبوتية وبناء دور منخفضة الكلفة في مدنهم الأصلية».