تفاعلت أزمة إغلاق مصنع حديد الراجحي في جدة، بسبب عدم التزامه بالاشتراطات البيئية، وفيما أكد المصنع امتلاكه تقارير تثبت عدم تضرر الأهالي من انبعاثات من الأدخنة والغازات، أوضح تقرير للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن المصنع مخالف بيئياً وغير ملتزم بالاشتراطات البيئية الخاصة بالأرصاد، ويجب إغلاقه، كما أكد تقرير ل«أمانة جدة» عدم وجود رخصة مزاولة مهنة من «الأمانة»، كما أنه مخالف لنظام استعمالات الأراضي. وأوضح مدير الموارد البشرية في مصنع الراجحي للحديد عاطف أزهر في حديثه إلى «الحياة» «أن المصنع يمتلك إثباتات وتقارير من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بعدم تضرر الأهالي من المصنع، إذ إن القياسات الهوائية للمصنع أثبتت أنه ليس ملوثاً للبيئة، اعتماداً على تقرير من مكتب استشاري مصرح له من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة». واعتبر أزهر أن العاملين في المصنع لم يتضرروا من انبعاثات الغازات، مشدداً على أن إدارة المصنع أبدت استعدادها لإجراء فحص طبي وشامل لكل أهالي حي القوزين المتضررين وتعويضهم عن ذلك الضرر، إذا ثبت وجوده، وقال: «ليس هناك متضررون لكي نعوضهم، ولدينا تقرير من المركز الصحي في الحي يفيد بعدم تضررهم». ووفقاً لموقع الشركة الرسمي على شبكة الإنترنت فإن كلفة المصنع بلغت بليون ريال، وينتج نحو 850 ألف طن حديد سنوياً، وصنفت وزارة التجارة والصناعة، المصنع ضمن الفئة الثالثة التي تشمل المشاريع ذات التأثيرات البيئية الخطرة. غير أن تقريراً صادراً عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أكد حصول المصنع على موافقة بيئية سابقاً، جرى إلغاؤها جراء توسع المصنع من دون أخذ موافقة الأرصاد وحماية البيئة، ووجود انبعاثات من الأدخنة والغازات، وعدم استخدام تقنيات لتقليل الأدخنة للحد الأدنى، إضافة إلى ارتفاع معدل الضوضاء وعمل المصنع ليلاً. وأوضح التقرير أن المصنع مخالف بيئياً وغير ملتزم بالاشتراطات البيئية الخاصة للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ويجب إغلاقه مع مراعاة توفير الموقع المناسب بصفة عاجلة. من جهتها، أوضحت أمانة محافظة جدة في تقرير لها عن مصنع الراجحي للحديد (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن المصنع لا يمتلك رخصة مزاولة مهنة من «الأمانة»، لعدم حصوله على موافقة معتمدة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، إضافة إلى أن المصنع يقع ضمن نطاق الصناعات الخفيفة (ص1) بحسب أطلس محافظة جدة، ويعتبر المصنع مخالفاً لنظام استعمالات الأراضي. ودعا مسلط الحربي (أحد ساكني حي القوزين) الجهات المتخصصة إلى تكثيف الرقابة المفاجئة على المصانع وكشف الفوضى الموجودة داخلها، مضيفاً: «نطالب بوجود مركز للشرطة والدفاع المدني في الحي الذي يخلو من بعض الخدمات والمتطلبات الأساسية». أما المعلم علي الجدعاني (أحد سكان الحي)، فأوضح في حديثه إلى «الحياة»، أن المصنع حصل على رخصة بناء مصنع غير مصنف بموافقة من الدفاع المدني. (تحتفظ «الحياة» بنسخة من الخطاب). وذكر الجدعاني أن الكثير من الأهالي مصابون بمرض الربو وحساسية الجلد والعين، مشيراً إلى أن هيئة حقوق الإنسان استجابت لمطالبة السكان في حي القوزين الذين يقدر عددهم بعشرة آلاف نسمة، ورفعت تقريرها عن الضرر الحاصل للسكان منذ عشرة أعوام، إذ يفيد تقرير عالمي بأن أدخنة مصانع صهر الحديد تعد الأخطر في العالم، ولا سيما أن مصنع الراجحي لا يحتوي على فلاتر لتنقية الأبخرة. وأكد الجدعاني أن الأهالي سيرفعون دعوى أمام الجهات القضائية للمطالبة بتعويض من المصنع عن الضرر الذي لحقهم والأمراض الخطرة التي أصابتهم على مدى السنوات الماضية، مؤكداً أن المصنع مخالف للأنظمة. وأصاف متعجباً: «المصنع تسبب في إمراضنا، وبعد ذلك يطالب بمعالجتنا، فهل نحن حقل تجارب؟». أما المتحدث الرسمي باسم «أمانة جدة» الدكتور عبدالعزيز النهاري، فأوضح أن «الأمانة» لا تعوض المتضررين من أهالي القوزين الذي طاولهم من أذى الأبخرة والأدخنة من مصنع الراجحي للحديد، مشيراً إلى أن التعويض تملكه الجهات المعنية الأخرى ذات الشأن في التصريح المباشر للمصنع. وقال النهاري في حديثه إلى «الحياة»: «أمانة جدة تأخذ شكاوى المواطنين في الاعتبار، ولكن الأمانة لا تعوض، لأنها ليست الجهة التي رخصت للمصنع بمزاولة نشاطه، وترخيص المصانع يكون من وزارة التجارة والصناعة، ومن حق الأهالي اللجوء إلى القضاء، والمطالبة بالتعويض بحسب أنظمة الدولة». وقال المحامي المستشار القانوني الدكتور عدلي حماد في حديثه إلى «الحياة» إن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة هي المعنية بمراقبة المصانع والمنتجات الصناعية المضرة بالبيئة، إذ إن تجديد التراخيص الصناعية يكون منها وهي التي تحدد الفلاتر المطلوبة للأدخنة. وأشار إلى أن وزارة التجارة هي المسؤولة عن التراخيص الصناعية، وهي تتحمل مسؤولية مشتركة مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، بعدم إيقاف نشاط المصنع منذ إثبات الضرر، مضيفاً: «للأسف أن وزارة التجارة تفتقر إلى آلية التنسيق والمراقبة للمصانع، وهذا خلل حقيقي من الوزارة. وشدد المستشار القانوني على أن من حق السكان إقامة دعوى قضائية أمام الجهات القضائية، للحصول على تعويض من المصنع عن الضرر الذي لحق بهم.