تنفس أهالي حي القوزين جنوب غربي جدة الصعداء إثر قرار إمارة منطقة مكةالمكرمة القاضي بإغلاق مصنع «حديد الراجحي» الذي تسبب طوال عقد كامل بالتلوث وانتشار الأوبئة، رغم محاولاتهم خلال الأعوام ال 10 الماضية، مخاطبة الإدارات والمؤسسات الحكومية المعنية بالأمر. وكشف تقرير صادر عن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة (حصلت «الحياة» على نسخة منه) عن حصول المصنع على موافقة بيئية سابقاً، وجرى إلغاؤها جراء توسع المصنع دون أخذ موافقة من الأرصاد وحماية البيئة، ووجود انبعاثات من الأدخنة والغازات، وعدم استخدام تقنيات لتقليل الأدخنة للحد الأدنى، إضافة إلى ارتفاع معدل الضوضاء وعمل المصنع ليلاً. وأوضح التقرير أن المصنع مخالف بيئياً وغير ملتزم بالاشتراطات البيئية الخاصة للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ويجب إغلاقه مع الأخذ في الاعتبار توفير الموقع المناسب بصفة عاجلة. من جهته، قال أحد سكان حي القوزين المعلم علي الجدعاني في حديثه إلى «الحياة»، إن المصنع حصل على رخصة بناء مصنع غير مصنف بموافقة من الدفاع المدني (تحتفظ «الحياة» بنسخة من الخطاب). وبين الجدعاني أن الكثير من الأهالي مصابون بمرض الربو وحساسية الجلد والعين، ويقع أقرب منزل في الحي من المصنع على مسافة 480 متراً. وأضاف: «استجابت هيئة حقوق الإنسان لمطالبة السكان في حي القوزين والذين يقدر عددهم ب 10 آلاف نسمة، ورفعت بتقريرها عن الضرر الحاصل للسكان قرابة العشر سنوات، إذ يفيد تقرير عالمي بأن أدخنة مصانع صهر الحديد تعد الأخطر في العالم، خصوصاً أن مصنع الراجحي لا يحتوي على فلاتر لتقنية الأبخرة». بدوره، دعا أحد ساكني الحي مسلط الحربي الجهات المختصة إلى تكثيف الرقابة المفاجئة على المصانع وكشف الفوضى الموجودة داخلها (على حد قوله)، مضيفاً: «نطالب بوجود مركز للشرطة والدفاع المدني في الحي الذي يخلو من بعض الخدمات والمتطلبات الأساسية». فيما يروي المواطن سلامة الجدعاني (83 عاماً)، وهو أحد سكان الحي القدامى، قصة إنشاء المصنع على أرض منطقة تسمى «المليسا»، مبيناً أن الأرض شهدت دفن ثلاثة من أقربائه قبل خمسة عقود. وأفاد الجدعاني بأن المقبرة كانت تسمى «اظاة البقرة»، وتبلغ مساحتها نحو 100 متر في 100 متر مربع من إجمالي مساحة الأرض المشيد عليها المصنع. و يقول الجدعاني: «دافعت واعترضت لكي لا يقام المصنع على أرض المقبرة حتى وصل بي الأمر أن أدخلت للتوقيف، وبعد انتهاء الأمر وإتمام البيعة منحوني ما يبلغ 2000 ريال من مبلغ البيع وهاذي فلوس حرام، فكيف أرضى أن يرمى رفات أبنائي وأجدادي، في أماكن بعيدة ويقام على المقبرة التي دفنوا فيها مصنع». وحاولت «الحياة» التواصل مع إدارة المصنع، بيد أنه لم تجد أحد مسؤوليه أثناء وقوفها ميدانياً عليه أمس. وفيما ذكر موقع الشركة الرسمي على شبكة الإنترنت أن كلفة المصنع بلغت بليون ريال، وينتج قرابة ال 850 ألف طن سنوياً، صنفت وزارة التجارة والصناعة، المصنع من ضمن الفئة الثالثة التي تشمل المشاريع ذات التأثيرات البيئية الخطرة. وأوضحت أمانة جدة في تقرير لها عن مصنع الراجحي للحديد (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن المصنع لا توجد به رخصة مزاولة مهنة من الأمانة ذلك لعدم حصوله على موافقة معتمدة من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، إضافة إلى أن المصنع يقع ضمن نطاق الصناعات الخفيفة (ص 1) بحسب أطلس محافظة جدة، ويعتبر المصنع مخالفاً لنظام استعمالات الأراضي.