ينحسر دور مهرجان القلعة في مصر عاماً بعد آخر، لأن القائمين على تنظيمه وهم حسن كامي، مستشار رئيس الأوبرا، ورضا الوكيل، المدير الفني، يتعاملان مع المهرجان على أنه هبة أو زكاة من الأوبرا لجمهور «الغلابة» من سكان أحياء القلعة وغيرها، خصوصاً أن العروض والحفلات مجانية، فيمكن لأي شخص متابع للمهرجان أن يضع أجندته مسبقاً، فأسماء المطربين لن تخرج عن علي الحجار وإيمان البحر درويش ومدحت صالح ونادية مصطفى ومحمد الحلو، كما تشارك المطربة جنات منذ سنوات ويمكن وضع اسم مجد القاسم ليسبقه كلمة «السوري»، مع غياب المطربين العرب هذا العام. وكان اللبناني وليد توفيق أحيا حفلة ناجحة العام الماضي. هذه الأسماء شاركت قبل أيام في مهرجان الإسكندرية للموسيقى العربية، وهم من سيغنون بعد أيام في ليالي رمضان! استبشر البعض خيراً بتعيين الوكيل منذ نحو أربعة أشهر، ولكن شيئاً لم يتغير سواء في نوعية أو مستوى الفرق. فاستمر الأخير على سياسة سلفه في توريد الأصوات الموجودة في سوق الأغنياء إلى داخل الأوبرا، مثل رحمة وإيهاب توفيق الذي يشارك مع خالد سليم في المهرجان باعتبارهما يمثلان جمهور الشباب مع أن المهرجان يضيف لهما أكثر، فيما يجري تجاهل تجارب موسيقية وغنائية، ظهرت على الساحة في الفترة الماضية، مثل المطربة فيروز كراوية التي تقدم لوناً غنائياً بطعم الحياة اليومية للشباب في تجربة قوية على مستوى الألحان والتوزيع. وهناك فرقة «الفراعنة» لموسيقى الجاز الشرقي التي أسسها الموزع أشرف محروس، لكن الواضح أن الاختيار والمشاركة في مثل هذه المهرجانات تقوم على الصلات الشخصية والمجاملات، بالإضافة إلى عدم متابعة الجديد على الساحة، فلم نر هذا الموسم جديداً سوى فرقة «بلاك تيما» و«ثري جي» بقيادة الموسيقار هاني شنودة، وأصبح حضورهما كثيفاً على خريطة حفلات الأوبرا. وإذا كان الدكتور عبد المنعم كامل، رئيس دار الأوبرا، يسعى إلى حصول المهرجان على الشارة الدولية، فأين هي المشاركات العالمية التي تضع المهرجان على الخريطة والمهرجانات العربية من حولنا، سواء في قرطاج أو أبو ظبي وغيرهما حيث يستقدم أشهر المطربين والموسيقيين في العالم، بينما مهرجان القلعة لا يشارك فيه سوى فرقة الرقص الفولكلوري من البوسنة، والتي شاركت في حفلة الافتتاح وفرقة أخرى من الإكوادور. وعلى المستوى المحلي، كان المهرجان يُعنى سابقاً بتقديم الفنون الشعبية من كل أقاليم مصر، وفرقة رضا الشهيرة والفرقة القومية. كما كان يقدم غناء نوبياً أو بدوياً أو غيره، ولو في حلقات صغيرة كانت تنتشر في ساحة القلعة مع عروض للأزياء والمنتجات لهذه الأقاليم، ولم يعد لكل هذا أثر. ولم تستطع الأوبرا ضمان حفلة لمطرب صاحب جماهيرية مثل محمد منير يقدم حفلات عدة تحت رعايتها كل عام وكرمته، فنظمت له حفلة مع اليونانية ماريا دليماس في رعاية جامعة الدول العربية منذ فترة قصيرة. وإذا كان منير يرفض الغناء في مهرجان «الغلابة» لضعف العائد المادي، فلماذا لا يقال ذلك صراحة وتبرئ الأوبرا ساحتها، بدلاً من استدعاء مطربات تجاوزهم الواقع مثل فاطمة الجنايني مع وجود الكثيرات ممن يقدمن أغنيات أم كلثوم، وكذلك فاطمة عيد... وغيرهم؟