انها لحظات تاريخية تلك التي تولد فيها الأمم، خصوصاً إذا كانت تخص الشعب الفلسطيني الذي لقي أقسى أنواع العذاب والتشريد في تاريخ البشرية. وبالنسبة الى الفلسطينيين يجب ألا يأخذهم الغرور وألا يضيعوا الفرص السانحة في هذا المجال. فهناك مسؤوليات كبيرة على السلطة الفلسطينية كما على جميع أبناء الشعب الفلسطيني وأبناء المسلمين جميعاً. وفي هذا المجال نعرض ما الذي ينبغي على الفلسطينيين أن يقوموا به من أجل ضمان دولتهم وعزتهم والمحافظة على حقوقهم ضمن معطيات وفرضية ثابتة تشمل: 1- عدم التنازل لإسرائيل عن أي شيء أو التفريط بأي حق. 2- إن الفلسطينيين يجب أن يعرفوا ما يريدون ويجب عليهم ألا ينتظروا الغير ليقول لهم ذلك. 3- على الفلسطينيين أن يكونوا هم أصحاب المبادرة، لا تابعين. 4- الفلسطينيون يواجهون عدواً غادراً وطماعاً، يجب أن يكونوا في حجم مواجهته وأطماعه وإن يتحملوا كل ما ينتج من ذلك. 5- يعيش الإسرائيليون حالياً صدمة عدم استيعاب ما حصل في عدوان غزة، وعلى الفلسطينيين توجيه صدمات متتابعة، تعادل الجرائم الصهيونية. 6- لا يوجد الآن، ولن يوجد مستقبلاً من سيقول للفلسطينيين هذه هي حقوقكم، تعالوا خذوها! 7- المهم هو الدولة، وقد تحققت قانونياً، وعضوية الأممالمتحدة ليست ضرورية على الأقل في الواقع العملي الحالي. 8- الوضع الأمني وميزان القوى قبل عدوان غزة، ليسا نفسيهما الآن، فقد تغيرت كل المفاهيم وكل موازين القوى بواقع 180 درجة. 9- جميع الفلسطينيين بحاجة على قرارات دراماتيكية تعيد لهم بعضاً من السعادة التي افتقدوها لعقود طويلة. في ضوء هذه المفاهيم، وكي تصحو اسرائيل من عليائها، وتعيد الحقوق الفلسطينية، فإن على الفلسطينيين تأكيد حقوقهم، وفي الوقت نفسه إرباك عدوهم ولجم الانفراد الصهيوني بتصرفه في كل الشؤون الفلسطينية، وفي هذا المجال، يمكن الفلسطينيين أن يقوموا بتوجيه ضربات متلاحقة لنتانياهو والإسرائيليين المتطرفين، من خلال الخطوات الآتية: أولاً، تحقيق الوحدة الفلسطينية: وهو من أهم أولويات المرحلة المقبلة، وقد حقق الفلسطينيون خطوات مهمة في هذا المجال وبقي التنفيذ فقط. ثانياً، عقد هيئة عامة لمنظمة التحرير وإصلاح المنظمة، بوجود كل المنظمات الأخرى غير الأعضاء في المنظمة، وإصدار بيان شامل يمثل الشعب الفلسطيني بتحديد أهدافه في بناء الدولة الفلسطينية ووفق الشرعية الدولية، وهو القرار الذي أنشئت بموجبه دولة إسرائيل (أي حدود قرار التقسيم لعام 1947). ثالثاً، تحديد مدى الحقوق الفلسطينية: لعل معيار الحقوق الفلسطينية هو ما قد يثير الكثير من التساؤلات، وفي هذا المجال فإن قرارات الشرعية الدولية هي المعيار الفاصل، وعلى السلطة الفلسطينية وجميع الفلسطينيين التمسك بهذا النص حرفياً من دون التبرع بالتنازل عن أي شبر من الأرض أو أي حق من الحقوق. وعلى الفلسطينيين استعمال هذه العبارة الغامضة لتشير إلى قرار التقسيم وليس لأي اتفاق آخر. مع نسيان اتفاقات أوسلو التي عفا عليها الزمن. رابعاً، العلاقات مع الدول العربية: زيارة كل الدول العربية وتوجيه خطاب رسمي وواضح لها في كل ما يخص مسؤولياتها الإسلامية والعربية عن نكبة فلسطين وما تبعها من مآسٍ عاشها الشعب الفلسطيني، وإلزامها بحد أدنى من الضمانات المالية والمساعدات للشعب الفلسطيني. خامساً، التوجه إلى الجمهور الإسرائيلي: الجمهور وليس الشعب الإسرائيلي، لأنهم ليسوا شعباً، مفاده أنه لا مكان لكم في الشرق الأوسط كدولة معتدية سارقة وغازية، ولكن يوجد لكم مكان للعيش في دولة خاصة بكم وعلى أسس عادلة، ضمن الحقوق الشرعية الدولية، بما فيها ضمن حدود قرار التقسيم، بما يشمله من عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم، فإن أعجبكم هذا يمكنكم العيش هنا وإلا فلتغادروا هذه المنطقة ولتسلموا البيوت والأراضي التي سرقتموها لأصحابها. سادساً، إعلان حدود الدولة الفلسطينية: وهي الحدود الواقعة ضمن حدود قرار التقسيم الصادر عن الأممالمتحدة، وتوجيه نداء إلى الجمهور الإسرائيلي بدعوته الى مغادرة الأماكن التي يعيش فيها والتي هي جزء من الدولة الفلسطينية، مع إمكانية قبول بعض منهم كمواطنين في الدولة الفلسطينية ممن لم يسرق ولم يهدر دماً فلسطينياً ويقتصر هذا الحق على من قام بشراء أراض قبل عام 1948 بطريقة شرعية وقانونية فقط. سابعاً، التوجه إلى الحكومة الإسرائيلية: على الفلسطينيين أن يبينوا لكل الإسرائيليين وبخطاب صريح وواضح، ضرورة وقف كل أشكال التمييز العنصري التي تمارس ضد العرب في المناطق الإسرائيلية، وضد المناطق الفلسطينيةالمحتلة من جانب إسرائيل وإعادة كل الأراضي المصادرة لأصحابها العرب في كل أنحاء فلسطين، وكذلك ضرورة الانسحاب (جيشاً وشعباً) من كل المناطق الفلسطينية وفق قرار التقسيم، وبعكس ذلك، فكل فلسطيني مدعو للدفاع عن أرضه ووطنه، وسيكون أي إسرائيلي عرضة لإطلاق النار عليه من جانب أي فلسطيني. وإضافة إلى ذلك، على الإسرائيليين الاعتراف بمسؤوليتهم عن كل المآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، وضرورة تعويضه عن كل ما لحق به من ظلم وقتل وضيم وغدر وبطش. ثامناً: موضوع العقارات: يجب على الدولة الفلسطينية، الإعلان عن بطلان أي قرارات أو قوانين تتعلق بنقل ملكية الأراضي والعقارات، في كل أنحاء فلسطين، خصوصاً تلك التي صدرت بعد عام 1947، وضرورة عودة كل العقارات ليتم تسجيلها بأسماء أصحابها الأصليين. تاسعاً، المستوطنات: يجب على الدولة الفلسطينية إخبار إسرائيل بضرورة إخلاء كل المستوطنات وتسليمها لكل من تضرر من أعمال الهدم الإسرائيلية لبيوت العرب وممتلكاتهم. ويجب ألا يقول الفلسطينيون بتفكيك هذه المستوطنات. عاشراً، دعوة إسرائيل الى توقيع اتفاقية مشاركة، تشمل وحدة اقتصادية واجتماعية واتفاقية سلام، بما فيها منع الأسلحة الفتاكة، والأسلحة غير التقليدية وأسلحة الدمار الشامل. ويمكن أن تكون التجربة الإسكندينافية مثالاً يحتذى في هذا المجال. قد تبدو هذه الخطوات كبيرة أو دراماتيكية، ولكن يجب علينا اتباع كل ما من شأنه حماية وطننا ودولتنا، وفي الوقت نفسه توجيه ضربات موجعة للعدو توقفه عند حدود معينة.