نشر الجيش الفرنسي، للمرة الأولى منذ بدء تدخله العسكري في مالي الجمعة الماضي، 1400 جندي من قواته البرية، استعداداً لخوض معركة قاسية لاستعادة بلدة ديابالي التي يسيطر عليها تحالف المقاتلين الإسلاميين غرب البلاد، معززين بقدرات تسلح عالية ستحتم رفع عدد الجنود الفرنسيين إلى 2500 خلال أيام، ومشاركة الوحدة الأفريقية التي ستضم قريباً حوالى ألفي جندي من نيجيريا وتشاد والنيجر ودول أخرى، في القتال. وقالت حكومة مالي إن قواتها تشارك مع الفرنسيين في المعارك الجارية في ديابالي ومواقع أخرى. وأضافت أنها أرسلت مئات الجنود لإستعادة السيطرة على المدينة وطرد المسلحين الإسلاميين. وقال ضابط في الجيش المالي تحدث الى «الحياة»، في باماكو: «سيكون من الافضل إبادتهم جميعا أو أسرهم إن أمكن ذالك و إلا سنجعلهم على الأقل يتركون المدينة». ويقول الفرنسيون إن الإسلاميين أختلطوا بالسكان ويتخذون بعض الأهالي دروعا بشرية وانطلقت نحو 30 مدرعة فرنسية إلى مواقع للمسلحين على مسافة 300 كيلومتر من باماكو، فيما ارسل الجيش المالي تعزيزات إلى بلدة بانامبا التي تبعد 140 كيلومتراً من العاصمة وتقع في منطقة الحدود الشمالية مع موريتانيا، بعد رصد توغل إسلاميين إليها. لكن عمر ولد حماها، الناطق باسم «حركة التوحيد والجهاد» المتحالفة مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وجماعة «أنصار الدين»، أشار إلى أن «القتال ينحصر في إطلاق نار من بعيد، من دون أن يستطيع الجيشان الفرنسي أو المالي دخول ديابالي». ويرى خبراء عسكريون أن تكثيف العمليات البرية، بعد 6 أيام من الغارات الجوية، «حتمي» لمنع انسحاب المقاتلين الإسلاميين إلى الصحراء، وإعادة تنظيم صفوفهم تمهيداً لشن هجوم مضاد، فيما أقرّ قائد الجيش الفرنسي الأميرال أدوار غيو بأن الغارات الجوية التي تنفذها مقاتلات من طرازي «رافال» و»ميراج» تواجه عقبات، بسبب استخدام المتشددين المدنيين دروعاً بشرية، مؤكداً «رفض قواته تعريض المدنيين لخطر، لذا لن نطلق النار إذا ساورنا أي شك». لكن الناطق باسم حركة «أنصار الدين» سنده ولد بوعمامة، قال إن «المقاتلات الفرنسية تدمر مساجد وكتاتيب، وكل شيء يرتبط بالإسلام شمال مالي». وكان لافتاً تراجع تونس عن رفض التدخل العسكري الفرنسي في مالي، وإعلان وزير الخارجية في حكومتها الموقتة رفيق عبد السلام، بعد لقائه السفير الفرنسي فرنسوا غوبات، أن بلاده «تتفهم مبررات التدخل وسط الأخطار الأمنية المحدقة بمالي، وتعتبره عملية جراحية حتمتها ظروف استثنائية». وفي الجزائر، استغربت «حركة مجتمع السلم» التابعة ل «الإخوان المسلمين»، فتح المجال الجوي أمام المقاتلات الفرنسية لضرب متشددي مالي، ودعت البرلمان إلى الانعقاد لمناقشة التطورات. وفي قطر، انتقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الداعية يوسف القرضاوي العملية العسكرية الفرنسية في مالي، مبدياً استعداده لتنفيذ وساطة في هذا البلد. وأفاد بيان أصدره الاتحاد بأن «فرنسا استعجلت تدخلها العسكري من دون أن تعرف كيف سينتهي ولا آثاره الخطيرة من قتل وتدمير وتشريد ومآس إنسانية، ومزيد من الفقر والبطالة والمجاعة التي تعانيها مالي أصلاً». وطالب منظمة التعاون الإسلامي والدول الأفريقية «بالسعي الجاد إلى إيقاف الحرب وتحقيق المصالحة وتبني حل سلمي يرضي كل الأطراف». كما دعا الجماعات المسلحة إلى «تغليب صوت العقل والحكمة وقبول الحوار». جنود فرنسيون قرب ماركالا أمس. (ا ب)