%59.88 من مشتركي التأمينات تشملهم التعديلات الجديدة    ماكرون يحضّ نتانياهو على «منع اشتعال» جبهة لبنان    البيت الأبيض يسعى لاحتواء الوضع المتأزم    السودان.. القتال يتجدد في أم درمان    «ويفا» يحقق مع التركي ديميرال    في الشباك    السجن سبع سنوات وغرامة مليون ريال لمرتكب جريمة احتيال مالي    جناح المدينة يشارك في فعاليات بيت حائل    إضافة 205 منتجات وطنية بإنفاق يتجاوز 3.4 مليارات ريال    جامعة أم القرى تبدأ استقبال طلبات القبول    الربيعة يتفقد برامج إغاثة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا    توافد للحجيج على المعالم التاريخية بالمدينة    الإيطالي ستيفان بيولي مدربًا جديدًا لنادي الاتحاد    «واتساب» تستخدم الذكاء الاصطناعي في «تخيلني» (Imagine Me) لإنشاء صور شخصية فريدة    بن مشيبه متحدثاً لوزارة الحرس الوطني‬⁩    «حرس الحدود» بعسير يحبط تهريب 15 كيلوغراماً من الحشيش    مجلس جامعة الملك خالد يعقد اجتماعه الحادي عشر ويقر تقويم العام الجامعي 1446    نائب أمير الجوف يعزي التمياط    وزير الخارجية يصل إسبانيا للمشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي    المفتي يستقبل آل فهيد    ضيوف الرحمن يغادرون المدينة المنورة إلى أوطانهم    أمير جازان يتسلّم تقريرًا عن أعمال إدارة السجون بالمنطقة    الوفاء .. نبل وأخلاق وأثر يبقى    الدكتور السبتي ينوه بدعم القيادة غير المحدود لقطاع التعليم والتدريب في المملكة    الأمير سعود بن نهار يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية اليقظة الخيرية    الحرارة أعلى درجتين في يوليو وأغسطس بمعظم المناطق    مجمع إرادة والصحة النفسية بالدمام وبصيرة ينظمان فعاليات توعوية عن أضرار المخدرات    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11595 نقطة    «الموارد البشرية» تفرض عقوبات على 23 صاحب عمل وإيقاف تراخيص 9 مكاتب استقدام    موسكو تسجل أعلى درجة حرارة منذ 134 عاماً    محلي البكيرية يناقش الأمن الغذائي للمنتجات الزراعية وإيجاد عيادات طبية    تحسن قوي بالأنشطة غير النفطية في يونيو    السواحه يبحث مع زوكربيرج التعاون بالذكاء الاصطناعي    كوستاريكا تودع كوبا أمريكا رغم فوزها على باراجواي    بدء أعمال الصيانة ورفع كفاءة وتطوير طريق الملك فهد بالدمام اليوم    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس غرفة الخرج    الأمان يزيد إقبال السياح على المملكة    بناء محطة فضائية مدارية جديدة بحلول عام 2033    اتحاد القدم يعين البرازيلي ماريو جورجي مدرباً للمنتخب تحت 17 عاماً    تجسيداً لنهج الأبواب المفتوحة.. أمراء المناطق يتلمسون هموم المواطنين    البرتغاليون انتقدوا مهنيتها.. «قناة بريطانية» تسخر من «رونالدو»    «كفالة»: 8 مليارات تمويل 3 آلاف منشأة صغيرة ومتوسطة    إيرادات «ولاد رزق 3» تتخطى 15 مليون دولار    وصول التوأم السيامي البوركيني الرياض    أمير الشرقية: مشروعات نوعية ستشهدها المنطقة خلال السنوات المقبلة    انتحار الماكرونية    90 موهوبًا يبدأون رحلة البحث والابتكار    أزياء المضيفات    ازدواجية السوق الحرة    أمير القصيم ينوه بعناية القيادة بالمشروعات التنموية    تأثير التكنولوجيا ودورها في المجتمع الحديث    طه حسين في المشاعر المقدسة 2-1    الحج .. يُسر و طمأنينة وجهود موفقة    هنّأ رئيس موريتانيا وحاكم كومنولث أستراليا.. خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    ميسي يعود لتدريبات الأرجنتين    "التخصصي" يجري 5000 عملية زراعة كلى ناجحة    أمير القصيم يكرّم عدداً من الكوادر بالشؤون الصحية في المنطقة    "الطبية" تعالج شلل الأحبال الصوتية الأحادي لطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد خطاب الأسد؟
نشر في الحياة يوم 16 - 01 - 2013

في الثالث عشر من الشهر الماضي خرج تصريح روسي مفاجئ شغل الأوساط الإعلامية العالمية، قال فيه نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إن المعارضة السورية المسلحة تحرز انتصارات على الأرض. تصريح يدل على إعادة موسكو قراءتها للأحداث في سورية على رغم نفيها للخبر.
بعد أيام قليلة من هذا التصريح التقى بوغدانوف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز في جنيف وخرجت تسريبات عن مبادرة روسية أميركية لإنهاء الأزمة في سورية، ولم تمض أيام أخرى حتى خرج موقف مفاجئ من دمشق لا يقل أهمية عن تصريحات بوغدانوف، إذ قال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في مقابلة صحافية بتاريخ الحادي والعشرين من الشهر الماضي إن النظام والمعارضة عاجزان عن حسم المعركة والمطلوب تسوية تاريخية. تصريح نشرته وكالة «سانا» الرسمية ما يؤكد قبول القيادة السياسية بما جاء فيه، ومؤشر على قبول دمشق بتسوية سياسية.
بعد ستة أيام، في السابع والعشرين من الشهر الماضي أعلن الإبراهيمي عن بوادر اتفاق دولي أساسه اتفاق جنيف الذي فيه ما يكفي للوصول إلى تسوية بحسب الإبراهيمي نفسه، مع إجراء بعض التعديلات لم يعلن عنها، لكن تسريبات سياسية وإعلامية كشفت أنها تعديلات متعلقة بصلاحيات الأسد، ثم ما لبث أن أعلنها الإبراهيمي في مؤتمر صحافي حين أكد أن الحل يبدأ بتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة تناط بها مسؤولية المرحلة الانتقالية.
بعد هذه المقدمات أعلن التلفزيون السوري أن الرئيس بشار الأسد سيلقي خطاباً يقدم فيه رؤية للحل السياسي، وسرعان ما تولت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام الإسراف في تحليل ما سينبئ به الخطاب. ترقب السوريون: بعضهم متفائل وبعضهم الآخر يائس من نظام غير قادر بعد على فهم حقيقة الأزمة.
ألقى الأسد خطابه في السادس من الشهر الجاري. قدم حلاً أقل ما يقال فيه إنه إغلاق تام لأبواب الحوار وإعلان رسمي لاستمرار القتال، حل يبقي على النظام بكل مؤسساته السياسية والعسكرية والأمنية والحزبية، حل أحادي الجانب غير قابل للمساومة والمناقشة وما على المعارضة إلا القبول به من دون أي تغيير في تفاصيله.
على ماذا يعتمد النظام السوري في تقديم هذا الحل السياسي؟ هل يمكن الذهاب مع بعض المراقبين إلى أن سقف الحل المرتفع الذي قدمه الأسد هو تكتيك لأجل التفاوض؟
ليس هكذا تورد الإبل، فالحل السياسي الجاد مهما كان سقفه مرتفعاً لا بد أن يحمل في ثناياه معطيات ومسائل قابلة للمساومة والحوار، وهو ما كان غائباً عن مبادرة الأسد، التي تجاهلت، ليس مبادرة الإبراهيمي (جنيف 2) فحسب، بل اتفاق جنيف الأساسي الذي لم يتطرق أصلاً لرحيل الأسد، كما أن المبادرة لم تأخذ في الاعتبار الموقفين الروسي والصيني المؤيدين لخطة الإبراهيمي، فالصين أعلنت بعد الخطاب مباشرة تمسكها وتأييدها لخطة الإبراهيمي في إشارة واضحة لرفضها مضمون الخطاب الرئاسي، أما موسكو فقد طالبت المجتمع الدولي بدراسة بعض الأفكار التي قدمها الأسد، لكن تصريح الخارجية الروسية هذا يجب أن يقرأ في سياقه الطبيعي. فقد جاء الموقف الروسي بعد ثلاثة أيام من خطاب الأسد وهذا فيه ما يكفي من الدلالة على عدم رضاها عما جاء في الخطاب، حيث كانت الدولة الوحيدة في العالم التي تأخرت في إعلان موقفها، ثم أن تصريح الخارجية يتحدث عن بعض الأفكار وليس النقاط أو البنود، فالنقاط في المبادرات أو الحلول السياسية تكون محددة وواضحة أما الأفكار فتكون عامة فضفاضة.
لم ترغب موسكو في إحراج حليفها الوحيد في الشرق الأوسط علناً لكن موقفها فيه من الرسائل السياسية ما يكفي لمن يستطيع القراءة.
نعود ونسأل: على ماذا بنى الأسد مبادرته السياسية؟ هل بناها على إنجازات عسكرية حصلت مؤخراً كما يرى بعض المراقبين؟ واقع الحال لا ينبئ بذلك، فالمعارضة تحرز تقدماً واضحاً في المعارك وإن لم تستطع بعد حسم الصراع، والنظام في تقهقر وإن كان قادراً على البقاء والاحتفاظ بتماسكه العسكري في بعض المناطق.
ريف العاصمة دمشق تحول إلى قاعدة خلفية لعمليات المعارضة المسلحة، بحيث تحولت معضمية الشام غرباً وداريا في الجنوب الغربي ومخيم اليرموك جنوباً وحرستا ودوما وسقبا وعربين وكفربطنا وغيرها في الشرق إلى ساحات للمعارك العسكرية، استطاعت المعارضة من خلالها إحداث جيوب مسلحة في بعض أحياء دمشق ذاتها.
أما المناطق الشرقية والشمالية من سورية، فقد أضحى معظمها بيد المعارضة، وفي حلب يستمر القتال الضاري مع انتصارات لا يستهان بها للمعارضة التي استطاعت قطع طرق الإمداد التي يعتمد عليها النظام، فضلاً عن سيطرتها على معظم المعابر الحدودية في الشمال والشرق.
وإذا افترضنا أن مبادرة الأسد جاءت نتيجة إنجازات عسكرية للنظام خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، فهو نوع من المخاطرة السياسية التي قد تأتي نتائجها بعكس ما أُريد لها، لأنها مبنية على وقائع ميدانية سرعان ما تتغير وتجعل التشدد في الخطاب من نصيب الطرف الآخر، وتكون النتيجة إضاعة النظام لجهد دولي للوصول إلى تسوية ستكلف البلاد أكثر مما تكلفت.
* إعلامي وكاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.