بدا امس أن الدور الذي يفترض أن يلعبه الرئيس السوري بشار الأسد خلال «المرحلة الانتقالية» التي تم الاتفاق عليها في جنيف أول من أمس، هو محور النقاش الدائر بين موسكو وواشنطن والمبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي، ففي تعليق لوزارة الخارجية الروسية على لقاء جنيف، الذي ضم نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونائب وزيرة الخارجية الأميركية وليم بيرنز والأخضر الإبراهيمي، دعت موسكو إلى البدء بعملية انتقالية سياسية في سورية. ولفت المراقبين التأييد الذي أعلنته موسكو للإبراهيمي «بصفته مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة والجامعة العربية في شأن سورية»، والذي وصفته بأنه «تأييد لا يتزعزع». كما كان لافتاً أن هذا التأييد يأتي على رغم الحملة التي شنتها وسائل الإعلام الرسمية السورية على الإبراهيمي بعد انتقاده الخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد، وعلى رغم إعادة تأكيده أن العملية الانتقالية التي يجب أن تقوم في سورية «تعني تولي حكومة انتقالية كل صلاحيات الدولة»، وهو ما يشير إلى توافق غير معلن بين موسكو والإبراهيمي على استبعاد الأسد من هذه العملية. وأكد بيان وزارة الخارجية الروسية أن حل النزاع السوري يبدأ بوقف العنف فوراً وبدء عملية انتقالية سياسية. وأضاف أن هذه العملية يجب أن يكون هدفها «تضمين القانون المساواة في الحقوق المكفولة لكل المجموعات الإتنية والطائفية في هذا البلد». كما شدد على «أن المسائل المتعلقة بمستقبل سورية يجب أن يعالجها السوريون أنفسهم، بلا تدخل خارجي وبلا وصفات حلول جاهزة». وكان الإبراهيمي اعتبر أن «العنصر الأساس في بيان جنيف هو الحكومة الانتقالية، التي يجب أن تتسلم كامل الصلاحيات التنفيذية خلال وجودها». وأضاف: «اتفقنا (مع بيرنز وبوغدانوف) على أن كامل الصلاحيات التنفيذية يعني كل صلاحيات الدولة»، من دون أن يوضح ما إذا كان ذلك يعني عملياً نزع كل الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس بشار الأسد. كما يأتي التأييد الروسي «الذي لا يتزعزع» لمهة الإبراهيمي على رغم الحملة التي شنتها عليه وسائل الإعلام السورية واتهمته بالانحياز وبأنه «أداة» للمخطط الغربي ضد سورية، وذلك بعد انتقاده الخطاب الأخير للرئيس السوري. ورداً على سؤال لوكالة «فرانس برس»، رفضت الخارجية الروسية تأكيد الموافقة على التفسير الذي قدمه الإبراهيمي للعملية الانتقالية. وفي بيان منفصل، أشارت الخارجية الروسية إلى أن بوغدانوف التقى في جنيف وفداً سورياً بقيادة المعارض ميشال كيلو. وقالت الوزارة إنهما «يتقاسمان الرأي بأن المهمة الأولى هي وقف أعمال العنف فوراً وبدء حوار وطني» بموجب بيان جنيف. وتعهد بوغدانوف بمواصلة «الاتصالات بوتيرة حثيثة» مع الحكومة السورية والمعارضة. وكانت مصادر ديبلوماسية غربية أبلغت «الحياة» أن بعض الدول بدأ ينظر إلى «البرنامج السياسي» الذي أقرته الحكومة السورية قبل يومين على أنه «بداية التفاوض» مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية. وأشارت إلى أن السلطات السورية أرادت أن «تضع قاعدة التفاوض» قبل محادثات الإبراهيمي في جنيف مع بيرنز وبوغدانوف. من جهة اخرى، ذكر مصدر حكومي سوري أن قوات النظام تمكنت امس من السيطرة على بلدة داريا في ريف دمشق التي دارت معارك طاحنة حولها بعد سيطرة قوات المعارضة عليها، خصوصاً أنها تشكل تهديداً لقاعدة عسكرية مهمة للنظام ولوزارة الداخلية ومواقع أخرى لأجهزة الاستخبارات في منطقتي المزة وكفرسوسة المجاورتين. ولا تبعد داريا سوى اقل من 10 كيلومترات عن قصر الشعب وهو أحد ثلاثة قصور رئاسية في العاصمة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن داريا تعرضت امس للقصف، لكنه لم يؤكد سيطرة النظام عليها. كما تعرضت ضاحية المليحة لقصف الطيران، وكذلك منطقة الرستن في ريف حمص التي تسيطر عليها المعارضة. إلى ذلك، شنت قوات المعارضة أمس هجوماً على القاعدة الجوية في مطار منغ قرب حلب وعلى مطار حلب الدولي، بعد يومين على سيطرتها على مطار تفتناز العسكري في محافظة إدلب. وتحاول المعارضة السيطرة على المطارين منذ الأسبوع الماضي، وعلى قاعدة جوية أخرى في الكويرس. وأعلن جمعة فراج جاسم رئيس القسم 30 في إدارة الاستخبارات العامة - الفرع الخارجي، انشقاقه عن النظام السوري، في شريط فيديو بثه امس على الانترنت ناشطون معارضون. وظهر جاسم باللباس المدني وهو يعلن انشقاقه «عن هذا النظام المجرم والتحاقي بصفوف الثورة المباركة». ودعا «جميع العاملين للانشقاق عن هذا النظام والالتحاق بصفوف الثورة المباركة»، وأبرز في الشريط بطاقته التي تشير الى هويته العسكرية.