فشل وسطاء أرسلتهم الحكومة العراقية إلى الأنبار في إقناع المتظاهرين بفك اعتصامهم مقابل وعود بتلبية مطالبهم، واستمروا في التظاهر، فيما نظم انصار رئيس الوزراء نوري المالكي تظاهرة دانت تلك المطالب. الى ذلك، اتهم مجلس عشائر الانبار الحكومة بمحاولة زرع الفرقة بين العراقيين من خلال التظاهرة المؤيدة لها في ساحة التحرير امس، خصوصاً أن المتظاهرين رفعوا شعارات ضد اهالي الانبار. وتظاهر المئات وسط بغداد امس تأييداً للمالكي، رافعين لافتات تطالب بحل البرلمان وعدم إلغاء قانوني مكافحة الإرهاب والمساءلة والعدالة، في تضاد مع مطالب تظاهرات الانبار التي انطلقت منذ ثلاثة اسابيع. ومنذ الصباح الباكر اتخذت اجراءات امنية مكثفة، فيما قطعت الشوارع والجسور المؤدية الى ساحة التحرير حيث مكان التظاهرة. وانتشر المئات من عناصر قوات الامن في محيط الساحة، فيما حلقت طائرات الهيليكوبتر في السماء منذ الصباح وحتى عصر امس. وتوافد المئات من المواطنين وشيوخ ووجهاء عشائر من جنوب ووسط العراق الى ساحة التحرير وسط العاصمة للمشاركة في تظاهرة نظمها «ائتلاف دولة القانون». ورفع المتظاهرون صوراً للمالكي ولافتات كتب عليها «الشيعة ليسوا صفويين بل هم عراقيون»، و «لا لعودة البعث ولا للصداميين»، ونددوا أيضاً برئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان واتهموه بالطائفية والتدخل في شؤون العراق. واعتبر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر تظاهرة ساحة التحرير «مدفوعة الثمن»، وحذر من تدويل الأزمة وخروجها عن سيطرة الأحزاب، ودعا إلى تفعيل ميثاق الشرف الوطني الذي طرحه الصدر. وقال القيادي في التيار النائب بهاء الأعرجي خلال مؤتمر صحافي امس، إن «التظاهرات التي خرجت في محافظة الأنبار كانت في بدايتها عفوية ومطالبها مشروعة، لكنها استُغلت من بعض الجهات»، وأضاف أن «تظاهرات ساحة التحرير التي خرجت اليوم (امس) ليست عفوية وهي مدفوعة الثمن». وأضاف أن «غالبية الكتل لم تقم بواجبها تجاه التظاهرات التي تنطلق في مختلف المناطق العراقية»، وأشار إلى «وجود اصطفاف طائفي وحزبي في تلك التظاهرات». وحذر من أن «استمرار الأزمة يمكن أن يدولها وتخرج عن سيطرة الأحزاب»، ودعا إلى «تفعيل ميثاق الشرف الوطني الذي طرحه الصدر قبل فترة ووقعته غالبية الكتل السياسية والشيوخ وعلماء الدين». من جهة أخرى، نفى الناطق باسم مجلس عشائر الانبار الشيخ احمد الساجر، حصول أي اتفاق مع وسطاء ارسلتهم الحكومة للتفاوض حول مطالب المتظاهرين، مؤكداً ان التظاهرات متواصلة وتزداد اعداد المشاركين فيها بشكل يومي. وقال الساجر في اتصال مع «الحياة» امس ان «الحكومة ارسلت امس وفدين، احدهما عشائري والثاني يضم نائب رئيس الوزراء السابق سلام الزوبعي للتوسط لتهدئة المتظاهرين في المدينة»، وأشار إلى أن «مهمة الوفدين فشلت بعد رفض عدد من شيوخ العشائر ومسؤولين محليين التفاوض». وأشار إلى أن «الوفدين وصلا بشكل سري إلى المحافظة من دون علم المتظاهرين ولجان التنسيق ولم يبادر أي عضو في الوفدين بالقدوم الى ساحة التظاهرات بل أفأموا في خيم بعيدة بضيافة عدد من شيوخ العشائر». وكشف الساجر ان «الشيخ العشائري الذي استقبل الوفدين قال لهم بالحرف الواحد انتم هنا بصفتكم ضيوفاً ولا نستطيع التفاوض معكم في مطالب المتظاهرين، لأن هناك لجاناً خاصة تنظم عمل المتظاهرين ومطالبهم ويجب التفاوض معها». وحذر الحكومة من اللجوء إلى حشد تظاهرات في بغداد ضد أهالي الأنبار، لأنها بهذه الخطوة «تلعب بالنار وتزرع الفرقة بين العراقيين»، وأضاف أن سقف مطالب المتظاهرين «بدأ بالتصاعد واليوم رفعت لافتات تطالب بإصلاح النظام السياسي وتعديل الدستور». في الموصل هدد المتظاهرون في «ساحة الأحرار» وسط المدينة بإعلان العصيان المدني إذا لم توافق الحكومة على مطالبهم، وطالبوا بإخراج قوات الجيش والشرطة الاتحادية من المدينة. وأعلنت وزارة الدفاع أنها ستغلق معبري الوليد (في الأنبار) وربيعة (في الموصل) حتى إشعار آخر، بدءاً من اليوم، فيما فتحت امس بشكل جزئي معبر طريبيل أمام ناقلات بضائع . وأبدى محافظ الموصل أثيل النجيفي استغرابه إغلاق معبر ربيعة مع سورية، وقال ل «الحياة» أمس، إن «المعبر أغلق من دون إبلاغ مجلس المحافظة بذلك». وأضاف أنه أجرى اتصالاً بالمشرف على المعبر واتضح أنه لا يعلم شيئاً ووزارة الداخلية لا تعلم شيئاً، وقد أغلقته وزارة الدفاع.