ربما تكون من أغرب طرائف الفتاوى التي ما زالت عجائبها تترى. فهذا عربي من إسبانيا يشكو إلى الداعية السعودي الذائع الصيت سلمان العودة قائلاً: «لديّ صديق إسباني أسلم من فترة، ولديه قوة إيمان، والحمد لله، وصاحب ذكر وعبادة إلا أنه يقول: إنه لا يستطيع أن يترك الموسيقى الصينية، ولا أدري كيف أوضِّح له الأمر بالضبط! فأرجو منكم التوجيه». لكن الشيخ العودة بسماحته الفقهية المعهودة، وديبلوماسيته الفكرية، رد عليه بالقول: «إني أبارك لك على دعوته للإسلام، وإسلامه على يديك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لأن يهدي اللهُ بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكون لك حمرُ النَّعمِ». هذه نعمة كبيرة جدًّا، وكل عمل يعمله هذا الرجل له أجره، ولك مثل أجره أيضاً». بل زاد بأن هناك من هو أخير منه من صحابة طغت عليهم النوازع البشرية فصعب عليهم ترك عوائدهم الخاطئة في الجاهلية. وأضاف: «ثم علينا ألا نتعجب من رجل إسباني أسلم في القرن الخامس العشر الهجري، أن يظلَّ مستمرًّا على بعض الأمور التي اعتاد عليها، ولم يَطُق تركها؟ ونحن نجد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحشيَّ بنَ حرب رضي الله عنه الذي قتل حمزة وأسلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إنِ استطعتَ ألا أرينَّ وجهَك فافعلْ»، هذا قصارى ما قال له النبي صلى الله عليه وسلم، ووحشي كان مؤمناً وصحابيًّا، ولكنه ظلَّ يشرب الخمر، كما هو معروف، وكذلك أبو محجن الثقفي رضي الله عنه وهو صحابي ومجاهد، ومع ذلك جُلِدَ وسُجِنَ في شربه الخمر». وخلص إلى أن «المقصود أن مصلحة إسلام الإنسان ترجح على هذه الأمور؛ ولأَن يكون مسلماً وعاصياً خير من أن لا يكون مسلماً أصلاً». وبهذه الإجابة يكون فضيلته اعتبر الموسيقى من المعصية حتى وإن كانت صينية!